في هذه المواضع في الرقبة قد جرى مجرى الجملة والجميع، فصار قوله (وفي الرقاب) كقوله: وفي المكاتبين، كذلك قوله (فتحرير رقبةٍ) في الآي الأخر بمنزلة: تحرير نسمة، أو نفس، أو نحو ذلك مما يكون عبارة عن جملة الشخص وجميعه.
ومما يمكن أن تكون "الرقبة" قد أجريت فيه مجرى الجملة، قول أبي كبير أو غيره من الهذليين:
(فليس كعهد الدار يا أم مالكٍ ... ولكن أحاطت بالرقاب السلاسل)
فـ "الرقاب" يريد بها الأشخاص لا هذه الأعضاء منها، والمعنى أن الإسلام لما جاء منعت شرائعه وزواجره عما لم يكن منه منعٌ قبله، وهذا المنع شائع في جميع الشخص، وليس في الرقبة دون غيرها؛ ألا ترى أن بعد هذا البيت:
(وعاد الفتى كالكهل، ليس بقائلٍ ... سوى الحق شيئاً، واستراح العواذل)
وقد قالوا "نسأل الله فكاك رقابنا". ذكره أبو عثمان. وليس يريدون بذلك الرقبة دون سائر الشخص. ولما كانت الرقبة قد عني بها جملة الشخص، حتى صار ذكرها بمنزلة ذكره، اتسعوا في ذلك حتى قال الشاعر:
(إن لي حاجةً إليك، فقالت ... بين أذني وعاتقي ما تريد)