تزود مثل زاد أبيك فينا ... فنعم الزادُ زادُ أبيك زادا
لأنك لو لم تذكر "زاداً" المفسر لم تحتج إليه، كما أنك لو لم تذكر المفسر في قلك"عندي من الدراهم عشرون" لم تحتج إليه. فقد بان أن المفسر في "نعم الرجل رجلاً" ليس بمنزلته في "نِعُمَ رجلاً".
ومما يدل على أن هذه المضمرة قبل الذكر على شريطة التفسير ليست كالمضمرة بعد الذكر، وأن إظهارها غير جائز عندهم، أنا لا نعلم أحداً من العرب والنحويين يجيز العطف على المضمر في "نِعْمَ" ولا توكيده، كما أجازوا ذلك فيما أضمر بعد الذكر، وذلك أن هذا الاسم لما أضمر قبل أن يذكر على شريطة التفسير، كان غير مستغنٍ ومفتقراً إلى التفسير، فصار كأنه لم يتم بعد، والعطف والتأكيد لا يُحملان على الاسم حتى يتم الاسم، فلما كان هذا في غير حكم الأسماء الآخر من حيث لم يستقل بنفسه، وجب أن لا يجوز تأكيده ولا العطف عليه.
فإن قال قائل: فإن تم بتفسيره فأجز العطف عليه والتأكيد له، كما أن الموصول إذا تم بصلته جوّزت ذينك فيه.
قيل: ليس هذا التفسير مع هذا المفسَّر كالصلة مع الموصول؛ لأن الصلة تجري مجرى الصفة؛ ألا ترى أنها إيضاح للموصول، كما أن الصفة كذلك. يدل على ذلك أنه يقتضي ذكراً يعود إليه، وأنه بالصلة يدل على معنى زائد على الموصول، كما أنه بالصفة كذلك، والمفسر إذا تبع المفسر يصير بانضمامه إليه يدل على المعنى الذي يدل عليه الموصول قبل انضمام الصلة إليه؛ ألا ترى أن "مَنْ" و "ما" و "أي" و "الذي" يدل كل واحد منها على معنى لغير الصلة، فإذا انضمت الصلة إليها أوضح ذلك المعنى. والمضمر في "نعم" إذا انضم إليه التفسير صار حينئذ يدل على ما يدل عليه الاسم الموصول بلا صلة. فإذا كان كذلك علمت أنه ليس مثله، وأنه إذا فُسِّر لم يجز العطف بلا صلة. فإذا كان كذلك علمت أنه ليس مثله، وأنه إذا فُسر لم يجز العطف عليه، كما لا يجوز قبل أن يُفسر؛ لأن التفسير له لم يخرجه عن أن يكون المعطوف