قياسه، على أن منهم من لم يجز الإخبار في هذا الباب، ولو أخبر عنه على أن لا يعود الذكر على الموصول مع فساده، لفسد من وجه آخر، وهو أنك إذا أوقعت المخبر عنه خبر الابتداء على عبرة هذا الباب لم يجز، لأن المخبر عنه حكمه أن يكون هو وحده الخبر، ولا يجوز في هذا الاسم أن يكون وحده الخبر؛ لأن التفسير يلزمه، وإذا لزمه التفسير لم يكن وحده خبراً، فخالف بذلك سائر الأسماء المخبر عنها، وخرج عن عبرة هذا الباب وأصوله.
ومن الأفعال التي يضمر فيها على شريطة التفسير، وفُسِّر المضمر منها بالمفرد، الفعلُ المعطوف عليه فعل إذا أعمل الثاني منهما، وذلك قولك "ضربني وضربتُ زيداً"، وهذا هو الذي يختاره أهل البصرة، وعليه التنزيل، وذلك قوله {يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة}، وقوله {آتوني أُفرغ عليه قِطراً}. فإذا أعمل الآخر في هذا النحو لزم أن تضمر في الفعل الأول الفاعل قبل الذكر؛ لأن الفعل لا يخلو من الفاعل، وما يذكر من المفعول والفعل الثاني يفسره، ولا يجوز أن يحذف الفاعل ويفرغ الفعل منه كما يحذف المبتدأ؛ من حيث اجتمعا في أنهما محدَّث عنهما؛ لأن الفاعل يضمر في فعله حيث يحذف المبتدأ. فإذا كان كذلك لم يجز أن يحذف الفاعل من حيث حذف المبتدأ، كما ذهب إليه الكسائي. فلما اجتمع في هذا الموضع أمران مكروهان عندهم، أحدهما حذف الفاعل، والآخرُ الإضمار قبل الذكر، ولم يكن حذف الفاعل وإخلاء الفعل من الإسناد إليه سائغاً في الأفعال الصحيحة التي لم تشابه الحروف، ولم تنزل منزلتها، ولم تكن بمنزلة أسماء الزمان في المعنى، ولا مستعملاً في كلامهم، رفضوا