للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعمل فصله، فيكون كالفاعل في فصله بين المفعول وفعله، ثبت أنه لا سبيل إلى تفسير هذا الضمير على نحو ما فُسر في "نِعْمَ" و "رُبَّ".

فأما قولهم "ضربني وضربت زيداً" فليس تفسير "زيد" للضمير في "ضربني" على حد تفسيره النكرة المنصوبة في "نِعْمَ" و "رُبَّ"؛ لأن المفسر في "نِعم" و "رُب" شائع مفسر بالمنكور الذي تفسر به الأسماء الشائعة المبهمة، والمضمر في "ضربني" مخصوص ليس شائعاً، فمن ثَمَّ لم يبين إلا بإظهار اسمه المخصوص، كما يبين الاسم المخصوص بصفته والعطف عليه، ولما لم يجز أن يبين المضمر في الابتداء بالمفرد، فُسِّر بجملة هي حديث وقصة، كما فُسر ما كان أمراً نحو "الوصية" و "العِدة" و "المَثل" بجمل هي هي في المعنى، وذلك نحو قوله تعالى {يوصيكم الله في أولادكم} ثم قال {للذكر مثل حظ الأنثيين} فبين الوصية، وقوله {وعد الله الذين آمنوا} ثم قال {لهم مغفرةٌ وأجرٌ عظيمٌ} ففسر الوعد، وقال {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم} ثم فسر المثل فقال {خلقه من ترابٍ}. ومن هذا قول الفرزدق:

عشية ما ود ابن غراء أنها ... لها من سوانا إذ دعا أبوانِ

ففسر بقوله "لها أبوان" فكذلك فُسر هذا الضمير الذي هو أمر وحديث، بما هو حديث وأمر في الابتداء وما دخل عليه.

فإن قال قائل: هلا جاز أن يُفسر هذا الضرب أيضاً بالمفرد، كما فُسر

<<  <   >  >>