للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"المقدور"، ثبت أنه يراد به "القادر" تعالى، إذ هو سبحانه قادر بنفسه. وإنما أجري اسم المصدر على المفعول به فيما ذكرنا من قولهم "الخلق" و"ضرب الأمير" و"نسج اليمن"، كما أجري على الفاعل في نحو "رجلٌ عدلٌ ورضاً" و"هم رضاً" و"هم عدلٌ" و {إن أصبح ماؤكم غوراً}، ويسوي بين الفاعل والمفعول في هذا كما سوي بينهما في إضافة المصدر إليهما، وكما سوي بينهما في أن بني لكل واحد منهما فعل يختص به، كقولنا للفاعل "ضرب" وللمفعول به "ضرب"، فلما سوي بينهما في إسناد الفعل إلى كل واحد منهما، وإضافة المصدر إلى كل واحد منهما، كذلك سوي بينهما بالوصف بالمصدر، ولم يسغ ذلك في سائر المصادر والمفعولات؛ لأن الفعل لا يُبنى له كما يبنى للمفعول به، إلا أن يتسع فيجعل غير المفعول به بمنزلة المفعول به، كالظرفين من الزمان والمكان، والمصدر.

وما تأولناه في قولنا "الكتاب" المسمى به التنزيل أنه لا يراد به المكتوب، أرجح عندي من قول من قال: إنه سمي بذلك لما فرض فيه، وأوجب العمل به؛ ألا ترى أن جميع التنزيل مكتوب، وليس كله فروضاً، وإذا كان كذلك كان العام الشامل لجميع المسمى أولى مما كان بخلاف هذا الوصف.

وأما قوله تعالى {لولا كتابٌ من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذابٌ عظيمٌ} فهو مصدر يحتمل تأويلين:

أحدهما: أن يكون المراد بقوله (كتاب) ما في الآية الأخرى من قوله

<<  <   >  >>