الأسماء أغلب من معنى الاسم؛ ألا ترى أن كل موضع تكون فيه اسماً لا تنفك فيه من شبه الحرف، وقد تتجرد حروف ولا معنى اسم فيها، فتعلم بهذا أن كون معنى الحرف فيها أعم وأغلب، فإذا وقعت الأسماء المفردة المعرفة موقعها، وجب بناؤها، كما أن سائر الأسماء، ما وقع منها موقع الحرف وسدّ مسدّه، وجب بناؤه.
ومما يدلك على أن هذا الاسم معرف في هذه الحال غير مبني فيها، أن هذه الحركة وجبت بعامل، والحركات التي تجب بعامل لا تكون حركات بناء، ولو جاز مع وجوبها بالعامل أن تكون حركة بناء لجاز ذلك في سائر حركات المعربة، فامتناع ذلك في غير هذا الموضع دلالة على أن الحكم به هنا فاسد.
فإن قلت: فقد قالوا "لا رجل عندك"، وهذه الحركة حركة بناء، وهي موجودة مع عامل قد عمل ذلك فيه، فما تنكر من مثل ذلك فيما لا ينصرف في حال الجر؟
قيل: العامل هنا لم يعمل حركة بناء، وإنما نصب الاسم نصباً صحيحاً؛ ألا ترى أن سيبويه قال:"إن لا تنصب ما بعدها كنصب إن لما بعدها". ويدلك على أنها نصبت الاسم، أن الاسم المنفي بها إذا كان مضافاً أو ممطولاً ظهرت فيه صحة النصب، كقولك "لا خيراً من زيد" و"لا امرأ يوم الجمعة لك". فنصبها للمفرد على حد نصبها لهذا الممطول، والموجب للبناء فيه غير الموجب للإعراب، وهو جعلهم الاسم مع "لا" كشيء واحد. فهذا هو المعنى الموجب للبناء فيه. فإذا جُعلت كلمتان كلمةً واحدة فهم مما يبنونها على الفتح، وذلك كضمهم الاسم إلى الاسم حيث