المفعول الثاني الذي تقتضيه المتعدية إلى مفعولين؛ لأن الكلام قد طال بما هو بمعنى المفعول الثاني لو أظهر؛ ألا ترى أن قوله "كما ترون القمر ليلة البدر" إنما هو تأكيد وتشديد للتيقن والتبعيد من اعتراض الشبه على العلم به تعالى. فإذا كان كذلك كان بمنزلة ذكر ما هو بمنزلة المفعول الثاني إذا جرى ذكره في الصلات، نحو "علمت أن زيداً منطلق" و {أحَسِب الناس أن يُتركوا}، فكما سد ما جرى في الصلتين مسد المفعول، كذلك سد ما بعد المفعول الأول في الحديث مسدّ المفعول. ومن قال: إنه يضمر في الموصولين مفعولاً ثانياً، كان قياس قوله أن يضمر هنا مفعولاً ثانياً، كأنه "متيقناً" ونحو ذلك. وأن يقالك إن ما ذكر سدّ مسدّ الفعل الذي يقع بعد "لو" حتى لم يظهر ذلك الفعل معه واختزل، فكذلك المفعول مع الموصولين في هذا الباب.
ويحتمل وجهاً آخر، وهو أن يكون المعنى: ترون ربكم: ترون علم ربكم، أي تعلمونه كما ترون ليلة البدر، أي: علم ربكم كرؤية ليلة البدر، فالمبتدأ الذي دخل عليه الذي هو بمنزلة "علمت" المتعدية إلى مفعولين: علم ربكم كرؤية ليلة البدر، ثم حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فيكون المعنى أنه قد شبه العلم بالقديم سبحانه في الآخرة بما يحس حساً بيناً لارتفاع الشبه العارضة في دار البلوى والمحنة هناك. وحذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه من الكثرة بحيث لا يحتاج إلى الإكثار في الاحتجاج له؛ لتقرره عند المبتدئين، فكيف من جاوزهم.
ومثل ذلك قراءة من قرأ {ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من