الموضعين جميعاً؛ ألا ترى أن سائر الحروف التي تبدل إنما تكتب على ما عليه اللفظ بالحرف دون المبدل منه، ونحو "اصبر" و "اظلم" إنما تكت صاداً أو ظاء، ولا تكتب تاء وإن كان الأصل فيها تاء "افتعل". فإذا لم يجروا الأمر في "دعا" و "سعى" على القياس، فكتبوه ياء مع أن القياس أن يكون بالألف، وفعلوا ذلك إذا لم يتصل به مضمر منصوب، فواجب ألا يكتب إذا اتصل المضمر المنصوب إلا بالألف على القياس وأصل ما كان ينبغي أن يكون عليه الخط، ولا يستقيم أن يكتب إلا على القياس لرفضهم غيره في هذا الموضع.
فإن قيل: إن كتابة هذا الضرب تجوز بالياء قياساً على ما كتبوا في المصحف {إحداهما} بالياء مع أنه متصل بالضمير، فكذلك تكتب "رآه": "رأنه" [و "رمان": "رمه"] بالياء لاجتماع الحرفين في أنهما ألفان، وكل واحدة من الكلمتين اللتين هما فيه متصل بالضمير.
قيل: لا يستقيم كتابة هذا النحو قياساً على ما ثبت في المصحف من هذا؛ ألا ترى أنه قد ثبت في المصحف أشياء قد ترك الناس القياس عليها اليوم، فلم يكتبوا (الملأ) على هذه الصورة، وهي "الملؤا" وإن كان قد ثبت في بعض المصاحف كذلك. فكذلك لا يقاس على ما ثبات في المصحف من هذا، ولكن يكتب على أصل القياس وما عليه اللفظ. ويؤكد ذلك اتصاله بالضمير، والاتصال بالضمير من المواضع التي ترد فيها الأشياء