والثانية: تكون في المحتمل للشيء وغيره، وذلك كأداء الديون إذا أقبضه من جنس حقه، فإنه يحتمل التمليك هبة، وقرضا، ووديعة، وإباحة، فلا بد من نية تميز إقباضه عن سائر أنواع الإقباض، ولا يشترط نية التقرب. انتهى. فقوله: ولا يشترط نية التقرب، أي: لا يشترط في صحة أداء الدين ونحوه نية التقرب، بل قصد كون المدفوع وفاء، إلا في حصول الثواب، فإنه لا بد فيه من نية التقرب، وهو معنى قول أصحابنا وغيرهم في الأصول: ومن الواجب ما لا يثاب عليه، كرد وديعة، وقضاء دين، إذا فعل مع غفلة، أي: عن نية التقرب؛ لأنها التي يترتب الثواب عليها. ولهذا قال النووي في "شرح مسلم": الأعمال ضربان: ضرب تشترط النية لصحته وحصول الثواب فيه، كالأركان الأربعة وغيرها، مما أجمع العلماء على أنه لا يصح إلا بنية. وضرب لا تشترط النية لصحته، لكن تشترط لحصول الثواب، كالأوقاف، والهبات، والوصايا، ورد الأمانات، ونحوها. انتهى. فقوله: لا تشترط النية لصحته: أي: نية التقرب؛ لأنها المشترطة في حصول الثواب، فظهر لك: أنه لا منافاة بين اشتراطهم النية في وفاء الدين، ونفيهم حاجته إليها؛ لأن النية المشترطة هي نية القصد، والمنفية نية التقرب. وهذا ظاهر لمن تدبر، والله أعلم. قوله: (وإلا ... إلخ) أي: وإن لم ينو الدافع الوفاء، فمتبرع. وفهم منه: