للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْمُبَاشَرَةِ وَالْمُلَامَسَةِ وَإِنْ لَمْ يُمْذِ، وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ فِي عَمْدِهِ كَفَّارَةٌ وَلَا يَقْطَعُ التَّتَابُعَ إذَا كَانَ الصِّيَامُ ظِهَارًا أَوْ قَتْلَ نَفْسٍ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ فِي «تَقْبِيلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَهْلَهُ وَهُوَ صَائِمٌ» : إنَّ مَنْ أَمِنَ فَلَهُ ذَلِكَ وَمَنْ خَافَ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا لَمْ يُخْفِهِ عَلَيْهَا نَبِيُّهَا فَقَدْ بَاءَ مِنْ التَّعَسُّفِ بِمَا لَا يَخْفَى، وَلَمَّا كَانَ التَّأَسِّي بِهِ مَنْدُوبًا إلَيْهِ اسْتَحَالَ أَنْ يَأْتِيَ مِنْهُ خُصُوصًا لَهُ وَيَسْكُتَ عَلَيْهِ (وَحِجَامَةُ مَرِيضٍ فَقَطْ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّمَا تُكْرَهُ الْحِجَامَةُ لِلصَّائِمِ مِنْ مَوْضِعٍ خِيفَةَ التَّغْرِيرِ فَإِنْ احْتَجَمَ وَسَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.

الْبَاجِيُّ: فَمَنْ أَحَسَّ مِنْ نَفْسِهِ بِضَعْفٍ أَوْ لَمْ يَعْرِفْ حَالَةَ نَفْسِهِ كُرِهَتْ لَهُ الْحِجَامَةُ، فَإِنْ احْتَجَمَ فَاحْتَاجَ إلَى الْفِطْرِ فَقَدْ أَوْقَعَ الْمَحْظُورَ وَيَكُونُ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ دُونَ كَفَّارَةٍ، وَإِنْ سَلِمَ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. وَمَنْ عَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ الْقُوَّةَ عَلَى ذَلِكَ فَالْحِجَامَةُ مُبَاحَةٌ لَهُ.

(وَتَطَوُّعٌ قَبْلَ نَذْرٍ) فِي الْمُوَطَّأِ: سُئِلَ ابْنُ الْمُسَيِّبِ عَنْ رَجُلٍ نَذَرَ صِيَامَ شَهْرٍ لَهُ أَنْ يَتَطَوَّعَ قَالَ: لِيَبْدَأْ بِالنَّذْرِ. الْبَاجِيُّ: النَّذْرُ هُوَ مَا يَنْذُرُهُ الْإِنْسَانُ وَيُلْزِمُهُ نَفْسَهُ بِالْقَوْلِ قَبْلَ الدُّخُولِ فِيهِ، وَالتَّطَوُّعُ مَا لَا يَلْزَمُهُ بِالْقَوْلِ وَإِنَّمَا يَدْخُلُ فِيهِ اخْتِيَارًا فَيَلْزَمُهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ إتْمَامُهُ. فَمِنْ النَّظَرِ أَنْ يَبْدَأَ بِمَا لَزِمَهُ يَبْدَأُ لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ مِنْهُ ثُمَّ يَتَطَوَّعُ، فَإِنْ قَدَّمَ التَّطَوُّعَ صَحَّ صَوْمُهُ لِلتَّطَوُّعِ وَبَقِيَ النَّذْرُ فِي ذِمَّتِهِ. هَذَا إنْ كَانَ النَّذْرُ غَيْرَ مُعَيَّنٍ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ وَصَامَهُ تَطَوُّعًا أَثِمَ وَلَزِمَهُ قَضَاءُ نَذْرِهِ وَيَكُونُ حِينَئِذٍ مُتَعَلِّقًا بِذِمَّتِهِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ النَّذْرِ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِزَمَنٍ مُعَيَّنٍ (أَوْ قَضَاءٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَصُومَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ وَعَسَى بِهِ أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا. ابْنُ رُشْدٍ: كَرِهَ ذَلِكَ كَرَاهِيَةً خَفِيفَةً فَيَقْتَضِي أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ عِنْدَهُ أَنْ يَصُومَ فِي قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ انْتَهَى.

وَيُرَشِّحُ هَذَا أَنَّ مِنْ شَرْطِ الِاعْتِكَافِ الصَّوْمُ فَمَنْ كَانَ صَائِمًا لِفَرْضِهِ صَحَّ اعْتِكَافُهُ، وَانْظُرْ أَيْضًا إذَا مَرِضَ أَوْ سَافَرَ كُتِبَ لَهُ مَا كَانَ يَعْمَلُ صَحِيحًا مُقِيمًا فَمَنْ مَنَعَهُ مِنْ صِيَامِ عَاشُورَاءَ مَرَضٌ أَوْ سَفَرٌ كَانَ كَمَنْ صَامَهُ، فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا اشْتَغَلَ بِصَوْمِ فَرْضِهِ، وَقَدْ صَحَّ قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: «مَا تَقَرَّبَ عَبْدِي إلَيَّ بِشَيْءٍ أَحَبَّ إلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْت عَلَيْهِ» اُنْظُرْ أَيْضًا بِالنِّسْبَةِ إلَى أَرْبَابِ التَّصَوُّفِ عِنْدَهُمْ تَقْدِيمُ الْمُهِمِّ عَلَى الْأَهَمِّ حَظُّ نَفْسٍ وَرُؤْيَةٌ لِلنَّفْسِ وَقَدْ قَالُوا: كُلُّ عَمَلٍ اتَّصَلَتْ بِهِ رُؤْيَتُك فَلَا تَحْتَسِبْهُ. وَرَشَّحَ ابْنُ رُشْدٍ رِوَايَةَ ابْنِ وَهْبٍ أَنَّ صَوْمَ يَوْمِ عَاشُورَاءَ تَطَوُّعًا أَحْسَنُ بِمَا رُوِيَ «أَنَّ رَسُولَ

<<  <  ج: ص:  >  >>