أَمْكَنَهُ مَا لَمْ يُحْرِمْ وَلَا دَمَ عَلَيْهِ. وَقِيلَ: يَرْجِعُ مَا لَمْ يُشَارِفْ مَكَّةَ هَكَذَا نَقَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ وَهَكَذَا نَقَلَ غَيْرُهُ. وَأَمَّا إنْ أَحْرَمَ ثُمَّ عَادَ فَالدَّمُ لَا يَسْقُطُ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: إلَّا أَنْ يُحْرِمَ وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْهُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِ. قِيلَ: وَهُوَ يَحْتَمِلُ التَّفْسِيرَ. ثُمَّ إنَّ الدَّمَ إنَّمَا يَسْقُطُ عَنْهُ إذَا كَانَ جَاهِلًا. وَأَمَّا إنْ جَاوَزَهُ عَالِمًا بِقُبْحِ مَا فَعَلَهُ فَمَفْهُومُ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ عَلَيْهِ الدَّمَ وَلَا يُسْقِطُهُ رُجُوعُهُ. وَحَمَلَ بَعْضُهُمْ الْمُدَوَّنَةَ عَلَى سُقُوطِ الدَّمِ بِالرُّجُوعِ مُطْلَقًا، وَأَمَّا الْحَالَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ إذَا لَمْ يَقْصِدْ أَحَدَ النُّسُكَيْنِ كَالتُّجَّارِ، فَاخْتُلِفَ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِمْ الْإِحْرَامُ مِنْ الْمِيقَاتِ أَوْ يُسْتَحَبُّ عَلَى قَوْلَيْنِ. فَإِنْ أَحْرَمُوا فَلَا إشْكَالَ وَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ عَلَى الْأَشْهَرِ إنْ لَمْ يُحْرِمُوا، وَإِنْ أَحْرَمُوا بَعْدَ ذَلِكَ فَاخْتُلِفَ فِي لُزُومِ الدَّمِ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يُرِدْ مَكَّةَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَرُورَةٌ أَوْ كَانَ صَرُورَةٌ وَلَمْ يَكُنْ مُسْتَطِيعًا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ صَرُورَةٌ مُسْتَطِيعًا فَفِي الدَّمِ خِلَافٌ.
[فَرْعٌ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ مُرِيدٌ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ]
فَرْعٌ: وَإِنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ وَهُوَ مُرِيدٌ لِأَحَدِ النُّسُكَيْنِ ثُمَّ أَحْرَمَ لَزِمَهُ دَمٌ وَلَا يَسْقُطُ الدَّمُ بِالْإِفْسَادِ وَلَوْ فَاتَهُ لَسَقَطَ الدَّمُ عَلَى الْمَشْهُورِ. (مَا لَمْ يَخَفْ فَوْتًا فَالدَّمُ) فِيهَا: وَلَوْ أَنَّهُ لَمَّا تَعَدَّى مِيقَاتَهُ خَافَ إنْ رَجَعَ إلَيْهِ فَوَاتَ الْحَجِّ فَلْيُحْرِمْ مِنْ مَوْضِعِهِ وَعَلَيْهِ دَمٌ (كَرَاجِعٍ بَعْدَ إحْرَامِهِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ أَحْرَمَ بَعْدَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ وَلَوْ رَجَعَ إلَيْهِ مُحْرِمًا. ابْنُ يُونُسَ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: رُجُوعُهُ بَعْدَ إحْرَامِهِ يُسْقِطُ الدَّمَ عَنْهُ، وَدَلِيلُهَا أَنَّ الدَّمَ لَمْ يَجِبْ لِتَجَاوُزِ الْمِيقَاتِ لِانْفِرَادِهِ إنَّمَا هُوَ لِإِحْرَامِهِ بَعْدَهُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إزَالَتِهِ وَلَا حَلِّهِ بَعْدَ عَقْدِهِ نَاقِصًا.
(وَلَوْ أَفْسَدَ) فِيهَا: إنْ تَعَدَّاهُ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ جَامَعَ وَأَفْسَدَ حَجَّتَهُ فَعَلَيْهِ دَمٌ لِتَرْكِ الْمِيقَاتِ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى عَمَلِ حَجِّهِ مُتَمَادِيًا (لَا فَاتَ) فِيهَا: وَإِنْ قَضَاهُ مَنْ تَعَدَّى الْمِيقَاتَ ثُمَّ أَحْرَمَ بِالْحَجِّ فَفَاتَهُ الْحَجُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute