الْبَابِ (كَلِلَّهِ عَلَيَّ) إنْ قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ إنْ فَعَلْت كَذَا فَعَلَيَّ طَلَاقُ زَوْجَتِي وَعِتْقُ أَمَتِي فَفَعَلَ بَيْنَ الْأَمَةِ وَالزَّوْجَةِ فَرْقٌ. نَقَلَ هَذَا عَنْ الْبُرْزُلِيُّ أَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ وَيُؤْمَرُ بِعِتْقِ الْأَمَةِ وَلَا يُجْبَرُ. نَقَلَ ذَلِكَ مِنْ النَّوَادِرِ وَسَمَاعِ عِيسَى وَقَدْ تَقَدَّمَ لِي نَحْوُ هَذَا. وَمِمَّا جَمَعْته أَيْضًا مِمَّا تَقَدَّمَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَوْ فَعَلَيَّ فَرْقٌ، وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فَعَلَيَّ عِتْقُ أَمَتِي أَوْ عِتْقُ أَمَةٍ فَرْقٌ نَظِيرُ أَمَةِ الْمَشْيِ وَالصَّدَقَةِ لِمُعَيَّنٍ أَوْ غَيْرِ مُعَيَّنٍ انْتَهَى.
[النَّذْرُ الْمُسْتَحَبُّ]
ابْنُ رُشْدٍ: النَّذْرُ الْمُسْتَحَبُّ هُوَ الْمُطْلَقُ الَّذِي يُوجِبُهُ الرَّجُلُ عَلَى نَفْسِهِ شُكْرًا لِلَّهِ عَلَى مَا أَنْعَمَ عَلَيْهِ فِيمَا مَضَى أَوْ لِغَيْرِ سَبَبٍ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ: لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ كَذَا وَكَذَا أَوْ نَذْرٌ أَنْ أَفْعَلَ كَذَا أَوْ نَذْرٌ أَنْ لَا أَفْعَلَ أَوْ لَا يَلْفِظُ بِذِكْرِ النَّذْرِ فَيَقُولَ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا أَوْ أَفْعَلُ كَذَا شُكْرًا لِلَّهِ، الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ.
وَمِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ إذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا وَلَمْ يَقُلْ نَذْرٌ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ بِكَذِبٍ، وَقَوْلُ مَالِكٍ أَصَحُّ لِأَنَّ قَوْلَهُ: لِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا إنْ أَرَادَ بِهِ الْإِخْبَارَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ النَّذْرَ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْإِخْبَارِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ كَانَ حَمْلُهُ عَلَى النَّذْرِ الَّذِي لَهُ فَائِدَةٌ وَفِيهِ طَاعَةٌ أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الْكَذِبِ الَّذِي لَا فَائِدَةَ فِيهِ بَلْ هُوَ مَعْصِيَةٌ (أَوْ عَلَيَّ ضَحِيَّةٌ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ مِنْ الْمُلْتَزَمَاتِ أَنْوَاعٌ مِنْهَا الضَّحَايَا، فَإِذَا قَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُضَحِّيَ بِبَدَنَةٍ لَمْ تَقُمْ مَقَامَهَا بَقَرَةٌ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا مَعَ الْعَجْزِ فَفِي ذَلِكَ خِلَافٌ.
وَكَذَلِكَ فِي إجْزَاءِ سَبْعٍ مِنْ الْغَنَمِ عِنْدَ عَجْزِهِ عَنْ الْبَقَرَةِ وَمَذْهَبُ الْكِتَابِ الْإِجْزَاءُ فِيهِمَا (وَنُدِبَ الْمُطْلَقُ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ: النَّذْرُ الْمُسْتَحَبُّ هُوَ الْمُطْلَقُ (وَكُرِهَ الْمُكَرَّرُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ نَذَرَ صَوْمَ كُلِّ خَمِيسٍ يَأْتِي لَزِمَهُ، فَإِنْ أَفْطَرَ مِنْهُ خَمِيسًا مُتَعَمِّدًا قَضَاهُ، وَكَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يَنْذِرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِوَقْتِهِ (وَفِي كُرْهِ الْمُعَلَّقِ تَرَدُّدٌ) الْبَاجِيُّ: لَا خِلَافَ فِي جَوَازِ النَّذْرِ، وَأَمَّا حَدِيثُ النَّهْيِ عَنْهُ وَأَنَّهُ يَسْتَخْرِجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ أَنْ يَنْذِرَ لِمَعْنًى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا، مِثْلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute