أَخْطَأَ مَنْ قَالَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا يَجُوزُ قَسْمُ الْبَقْلِ تَحَرِّيًا بَعْدَ الْحَزْرِ وَهُوَ يُجِيزُ التَّحَرِّيَ فِي الْخُبْزِ وَاللَّحْمِ فَكَيْفَ بِمَا يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ؟ اهـ. وَهَذَا الَّذِي أَنْكَرَهُ ابْنُ عَبْدُوسٍ وَعَزَاهُ ابْنُ رُشْدٍ لِلْمُدَوِّنَةِ وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ مَا يُكَالَ أَوْ يُعَدُّ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُقْسَمُ تَحَرِّيًا بِخِلَافِ مَا يُوزَنُ فَإِنَّهُ يُقْسَمُ وَيُبَاعُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ بِالتَّحَرِّي اهـ. فَقَدْ تَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي فِي الْمَكِيلِ وَالْمَعْدُودِ أَنْ تَقَعَ فِيهِ قِسْمَةٌ أَوْ مُبَادَلَةٌ بِتَحَرٍّ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْعَدِّ أَوْ الْكَيْلِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رِبَوِيًّا أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا يُوزَنُ فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَسْمُهُ وَمُبَادَلَتُهُ بِالتَّحَرِّي وَلَوْ لَمْ يَكُنْ رِبَوِيًّا عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي نَقْلِ ابْنِ عَبْدُوسٍ، وَهُوَ أَيْضًا نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ عَنْهُ. وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ مُقْتَضَى مَا لِابْنِ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ التَّحَرِّيَ يَجُوزُ فِي الْمَكِيلِ إذَا كَانَ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ وَسَيَأْتِي أَيْضًا فِي الْمُزَابَنَةِ مَا يُرَشِّحُ هَذَا اهـ.
[بَاب فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ]
(وَفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إلَّا بِدَلِيلٍ) ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الثَّالِثُ فِي فَسَادِ الْعَقْدِ مِنْ جِهَةِ نَهْيِ الشَّارِعِ عَنْهُ، وَعِنْدَنَا أَنَّ مُطْلَقَ النَّهْيِ عَنْ الْعَقْدِ يَدُلُّ عَلَى فَسَادِهِ إلَّا أَنْ يَدُلَّ دَلِيلٌ عَلَى خِلَافِهِ.
هَكَذَا حَكَى عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ الْمَذْهَبِ (كَحَيَوَانٍ بِلَحْمٍ مِنْ جِنْسِهِ) ابْنُ الْمُسَيِّبِ: «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ بَيْعِ الْحَيَوَانِ بِاللَّحْمِ» . أَبُو عُمَرَ: لَا أَعْلَمُهُ يَتَّصِلُ مِنْ وَجْهٍ ثَابِتٍ وَأَحْسَنُ أَسَانِيدِهِ مُرْسَلُ سَعِيدٍ هَذَا. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَحْمَلُ النَّهْيِ فِي ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ فِي الصِّنْفِ الْوَاحِدِ لِمَوْضِعِ التَّفَاضُلِ فِيهِ وَالْمُزَابَنَةِ (إنْ لَمْ يُطْبَخْ) كَرِهَ أَشْهَبُ الْكَبْشَ بِلَحْمٍ مَطْبُوخٍ لِأَجَلٍ، وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ أَحَبُّ إلَيْنَا.
التُّونِسِيُّ: إنَّمَا أَرَادَ أَشْهَبُ أَنْ يُعْطِيَهُ مِنْهُ فَكَرِهَهُ كَكَتَّانٍ فِي ثَوْبِ كَتَّانٍ وَإِلَّا فَهُمَا صِنْفَانِ لِأَنَّ الطَّبْخَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute