للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللَّخْمِيِّ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ أَنْ يُطْعِمَ عِشْرِينَ مِسْكِينًا، فَإِنَّ أَطْعَمَ عَشْرَةً وَكَسَاهُمْ أَجْزَأَهُ، وَإِنْ أَعْطَى عَشْرَةً مُدَّيْنِ مُدَّيْنِ فَذَلِكَ يُجْزِئُهُ، وَإِنْ أَطْعَمَ عَشْرَةً ثُمَّ حَنِثَ فِي يَمِينٍ أُخْرَى جَازَ أَنْ يُعْطِيَهُمْ الْكَفَّارَةَ الثَّانِيَةَ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. انْتَهَى نَقْلُهُ. وَاَلَّذِي لِابْنِ يُونُسَ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ عَلَيْهِ يَمِينَانِ فَأَطْعَمَ عَنْ وَاحِدَةٍ مَسَاكِينَ فَأَرَادَ أَنْ يُطْعِمَ أَيْضًا عَنْ يَمِينِهِ الْأُخْرَى مَكَانَهُ أَوْ بَعْدَ أَيَّامٍ فَلَا يُعْجِبُنِي ذَلِكَ. فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمْ فَلْيَطْلُبْ سِوَاهُمْ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: فَإِنْ فَعَلَ أَجْزَأَهُ إذَا لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُمْ.

قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: إنَّمَا ذَلِكَ لِئَلَّا تَخْتَلِطَ النِّيَّةُ فِي الْكَفَّارَتَيْنِ، أَمَّا لَوْ صَحَّتْ النِّيَّةُ فِي كُلِّ كَفَّارَةٍ وَخَلَصَتْ كُلُّ كَفَّارَةٍ مِنْ الْأُخْرَى لَجَازَ، وَصَوَّبَهُ أَبُو عِمْرَانَ وَأَجَازَ السُّيُورِيُّ أَنْ يُعْطِيَ مِائَةَ مُدٍّ لِعَشَرَةِ مَسَاكِينَ عَنْ عَشْرَةِ أَيْمَانٍ، وَأَنْ يُعْطِيَ عَشْرَةَ مَسَاكِينَ أَلْفَ مُدٍّ عَنْ مِائَةِ كَفَّارَةٍ، مُدٌّ عَنْ كُلِّ يَمِينٍ، وَالْكُلُّ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ.

(وَإِنْ كَيَمِينٍ وَظِهَارٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ أَطْعَمَ مَسَاكِينَ عَنْ أَحَدِ كَفَّارَتَيْهِ لَا يُعْجِبُنِي أَنْ يُعْطِيَهُمْ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ الْأُخْرَى. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَكَذَا وَإِحْدَاهُمَا عَنْ يَمِينٍ وَالْأُخْرَى عَنْ ظِهَارٍ وَغَيْرِهِ.

[بَاب فِيمَا يَقْتَضِي الْبَرّ وَالْحِنْث]

(وَأَجْزَأَتْ قَبْلَ حِنْثِهِ وَوَجَبَتْ بِهِ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ وَهَاهُنَا هُوَ مَوْضِعُ تَبْيِينِ يَمِينِ الْبِرِّ وَيَمِينِ الْحِنْثِ، وَهَاهُنَا ذَكَرَهُمَا ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَنَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ وَيُوجِبُ الْكَفَّارَةَ الْحِنْثُ وَفِي الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ طُرُقٌ. ثُمَّ قَالَ: فَالْأَقْوَالُ فِي الْبِرِّ وَالْحِنْثِ خَمْسَةٌ. اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَ عَلَى بِرٍّ فَأَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ: إنْ فَعَلَ أَجْزَأَ وَقَالَ مَرَّةً لَا يُجْزِئُهُ. وَقِيلَ: يَجُوزُ إنْ كَانَتْ الْيَمِينُ بِاَللَّهِ لَا بِطَلَاقٍ وَلَا بِمَشْيٍ وَلَا بِصَدَقَةٍ.

وَعِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَنْ آلَى بِعِتْقٍ فَهَمَّ فَأَعْتَقَ قَبْلَ الْحِنْثِ إنَّ ذَلِكَ يُجْزِئُهُ. وَيَجْرِي عَلَى هَذَا الطَّلَاقُ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ آخِرَ طَلْقَةٍ وَالصَّدَقَةُ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ حَلَفَ بِاَللَّهِ فَأَرَادَ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ فَأَمَّا فِي يَمِينِهِ لَا أَفْعَلُ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُكَفِّرَ بَعْدَ الْحِنْثِ، فَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَهُ أَجْزَأَهُ.

وَكَذَلِكَ أَيْضًا فِي يَمِينِهِ لَأَفْعَلَنَّ كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأَضْرِبَنَّ أَوْ لَأُكَلِّمَنَّهُ وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَجَلًا، فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَ، وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ انْتَهَى. فَحَصَلَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَالِفَ بِاَللَّهِ، إنْ كَانَ عَلَى بِرٍّ فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ وَالْأَوْلَى بَعْدَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَى حِنْثٍ فَإِنْ لَمْ يَضْرِبْ أَجَلًا فَلَهُ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلَ، وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ.

وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا فَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا فَلَا يُكَفِّرُ حَتَّى يَمْضِيَ الْأَجَلُ.

وَقَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ وَاحِدَةً إنْ لَمْ يَتَزَوَّجْ فَلْيُطَلِّقْهَا وَاحِدَةً، وَيَرْتَجِعُهَا وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ ضَرَبَ أَجَلًا صَبَرَ إلَيْهِ.

وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَوْ حَلَفَ بِالظِّهَارِ عَلَى شَيْءٍ أَنْ يَفْعَلَهُ وَلَمْ يَضْرِبْ لِذَلِكَ أَجَلًا لَجَازَ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الْكَفَّارَةَ وَيَبَرَّ بِذَلِكَ، لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُقَدِّمَ الطَّلَاقَ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا وَلَمْ يَضْرِبْ لَهُ أَجَلًا وَيَبَرُّ بِذَلِكَ فِي يَمِينِهِ. لِأَنَّهُ عَلَى حِنْثٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>