فَلَهَا وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ) قَالَ فِي الرِّسَالَةِ: وَالْمُسَافِرُ يَأْخُذُهُ الْوَقْتُ فِي طِينٍ خَضْخَاضٍ لَا يَجِدُ أَيْنَ يُصَلِّي فَلْيَنْزِلْ عَنْ دَابَّتِهِ وَيُصَلِّ فِيهِ قَائِمًا يُومِئُ بِالسُّجُودِ أَخْفَضَ مِنْ الرُّكُوعِ، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْزِلَ فِيهِ صَلَّى عَلَى دَابَّتِهِ إلَى الْقِبْلَةِ، وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَالرَّاكِبِ ". طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ وَالتُّونُسِيِّ أَنَّ الْمَرِيضَ لَا يَجُوزُ لَهُ النُّزُولُ أَصْلًا وَحَمْلًا لَا يُعْجِبُنِي عَلَى الْمَنْعِ، وَحَمَلَهَا الْمَازِرِيُّ وَاللَّخْمِيُّ عَلَى الْكَرَاهَةِ. وَلِابْنِ يُونُسَ وَابْنِ أَبِي زَيْدٍ: مَأْخَذٌ آخَرُ لَمْ يَذْكُرْهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: أَنَّ مَعْنَى " لَا يُعْجِبُنِي " يُرِيدُ بِهِ صَلَاتَهُ حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ فَأَمَّا لَوْ وُقِفَتْ لَهُ الدَّابَّةُ وَاسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ لَجَازَ، انْتَهَى
وَقَدْ تَبَيَّنَ بِهَذَا أَنَّ مَا تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " كَالرَّاكِبِ " هُنَا كَانَ يَنْبَغِي نَقْلُهُ وَمَا عَنَى بِالرَّاكِبِ هُنَاكَ إلَّا الصَّحِيحَ.
[بَاب فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ]
[فَصَلِّ فِي فَرَائِض الصَّلَاة]
فَصْلٌ ابْنُ شَاسٍ: الْبَابُ الرَّابِعُ فِي كَيْفِيَّةِ الصَّلَاةِ، وَأَفْعَالُ الصَّلَاةِ تَنْقَسِمُ إلَى أَرْكَانٍ وَسُنَنٍ وَفَضَائِلَ. ذَكَرَ فِي أَوَّلِ الرِّسَالَةِ صِفَةَ الْعَمَلِ فِي الصَّلَاةِ، وَأَخَّرَ الْكَلَامَ فِي فَرَائِضِهَا لِآخِرِ الْكِتَابِ
قَالَ شَارِحُهَا: لِأَنَّ مَنْ لَمْ يُبَيِّنْ فَرْضًا مِنْ سُنَّةٍ إلَّا أَنَّهُ وَفَّى بِالصَّلَاةِ - كَمَا ذَكَرَ - فِي هَذَا الْبَابِ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُ؛ لِأَنَّ جِبْرِيلَ لَمَّا صَلَّى بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى الصَّلَاةَ كَامِلَةً بِجَمِيعِ فَرَائِضِهَا وَسُنَنِهَا وَفَضَائِلِهَا. نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْأَجْوِبَةِ. وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» فَلَمْ يَأْمُرْهُمْ سِوَى بِفِعْلِ مَا رَأَوْا وَإِنَّمَا يُحْتَاجُ لِتَبْيِينِ الْفَرَائِضِ مِنْ غَيْرِهَا لِأَجْلِ الْإِخْلَالِ، وَمَا يُجْزِئُ سُجُودُ السَّهْوِ لَهُ وَمَا لَا، وَقَدْ رَشَّحَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ هَذَا فِي السِّرَاجِ فِي الِاسْمِ السَّادِسَ عَشَرَ
(فَرَائِضُ الصَّلَاةِ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ وَقِيَامٌ لَهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute