للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ لَمْ يُعَوَّلْ عَلَى خَبَرِهِ أَخَذَ بِمَا يَجِدُ عِنْدَ الْعَدَدِ، وَإِنْ عُوِّلَ عَلَيْهِ وَوَثِقَ فَهَاهُنَا لِلْمُتَأَخِّرِينَ قَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلٍ وَاحِدٍ يُنْظَرُ إلَى مَا عُوِّلَ عَلَيْهِ، وَالثَّانِي أَنَّ الْمَذْهَبَ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُلْتَفَتُ إلَى خَبَرِهِ لِأَنَّ هَذَا مِنْ الْأَقْوَالِ الظَّاهِرَةِ فَلَا يُلْتَفَتُ فِيهَا إلَّا إلَى الْمَوْجُودِ لَا إلَى خَبَرِ الْمَالِكِ.

وَالثَّانِي أَنَّهُ إنْ كَانَ وَاثِقًا بِقَوْلِهِ وَصِدْقِهِ فَقَالَ صَارَ حُكْمًا.

قَالَ مَالِكٌ: لَا أُحِبُّ لِصَاحِبِ الْمَاشِيَةِ أَنْ يَنْزِلَ السُّعَاةُ عِنْدَهُ وَلَا يُعِيرُهُمْ دَوَابَّهُ يُرِيدُ خُفْيَةِ الْمُتَّهَمَةِ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ. وَفِي الْبُخَارِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمَعٍ» الْحَدِيثَ.

قَالَ اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ: أَحَدُهَا: هَلْ مَحْمَلُهُ عَلَى الْوُجُوبِ؟ وَهُوَ الْمَعْرُوفُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ وَأَصْحَابِهِ.

وَفِي مُخْتَصَرِ مَا لَيْسَ فِي الْمُخْتَصَرِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّدْبِ.

وَلَوْ تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ مَا يُسْقِطُ عَنْهُ الْحَجَّ أَوْ سَافَرَ فِي رَمَضَانَ لِسُقُوطِ الصَّوْمِ عَنْهُ أَوْ أَخَّرَ صَلَاةَ حَضَرٍ عَنْ وَقْتِهَا لِيُصَلِّيَهَا فِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَخَّرَتْ امْرَأَةٌ صَلَاةً بَعْدَ دُخُولِ وَقْتِهَا رَجَاءَ أَنْ تَحِيضَ فَحَاضَتْ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، فَجَمِيعُ هَذَا مَكْرُوهٌ وَلَا يَجِبُ عَلَى هَذَا فِي السَّفَرِ صِيَامٌ وَلَا أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا وَلَا عَلَى الْحَائِضِ قَضَاؤُهَا. ابْنُ عَرَفَةَ: احْتِجَاجُ اللَّخْمِيِّ بِهَذِهِ الْفُرُوعِ عَلَى حَمْلِ الْحَدِيثِ عَلَى النَّدْبِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ فِي الْحَجِّ تَكْلِيفُ مَا لَا يُطَاقُ وَالتَّأْخِيرُ وَالسَّفَرُ غَيْرُ مَنْهِيٍّ عَنْهُمَا وَالتَّفْرِيقُ وَالِاجْتِمَاعُ مَنْهِيٍّ عَنْهُمَا (وَأُخِذَ الْخَوَارِجُ بِالْمَاضِي إلَّا أَنْ يَزْعُمُوا الْأَدَاءَ إلَّا أَنْ يَخْرُجُوا لِمَنْعِهَا) اللَّخْمِيِّ قَالَ مَالِكٌ فِي خَوَارِجَ غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ ثُمَّ ظُفِرَ بِهِمْ قَالَ: تُؤْخَذُ زَكَوَاتُ تِلْكَ السِّنِينَ.

فَإِنْ قَالُوا أَدَّيْنَا فِي تِلْكَ الْأَعْوَامِ لَمْ يُصَدَّقُوا إذَا كَانَ امْتِنَاعُهُمْ لِئَلَّا يُؤَدُّوهَا، وَإِنْ كَانَ امْتِنَاعُهُمْ لِغَيْرِ ذَلِكَ صُدِّقُوا. ابْنُ يُونُسَ: وَرَوَى مُحَمَّدٌ: وَكَذَلِكَ قَوْمٌ غَلَبُوا عَلَى الْبِلَادِ فَأَخَذُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ قَامَ عَلَيْهِمْ السُّلْطَانُ وَأَخْرَجَهُمْ عَنْهَا فَلَا يَأْخُذُ مِنْ النَّاسِ الزَّكَاةَ ثَانِيَةً وَهُوَ مِثْلُ الْخَوَارِجِ. وَقَدْ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَرْفَعُ زَكَاةَ مَالِهِ إلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى الْمَدِينَةِ.

ابْنُ شَاسٍ.

[زَكَاةُ الْمُعَشَّرَاتِ]

النَّوْعُ الثَّانِي زَكَاةُ الْمُعَشَّرَاتِ (وَفِي خَمْسَةِ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ) ابْنُ عَرَفَةَ: النِّصَابُ خَمْسَةُ أَوْسُقٍ وَمَا زَادَ مِثْلُهُ وَهُوَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>