وَبَقِيَ أَيْضًا مِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا بَيْعُ الرَّجُلِ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَهَلْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ أَوْ يُؤَدَّبُ فَاعِلُهُ؟ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْمَذْهَبُ قَصْرُ هَذَا النَّهْيِ عَلَى بَيْعِ الْمُسَاوَمَةِ لَا الْمُزَايَدَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ زَادَ الْمُنَادِي عَلَى بَيْعِ ثَوْبٍ مِنْ مِيرَاثٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ وَإِذَا زَادَ فِي السِّلْعَةِ جَمَاعَةٌ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ. فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْبَائِعُ مُخَيَّرٌ فِي إمْضَائِهَا لِمَنْ شَاءَ مِمَّنْ أَعْطَى فِيهَا ثَمَنًا وَإِنْ كَانَ زَادَ غَيْرُهُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَسْتَرِدَّ سِلْعَتَهُ.
وَمِنْ الْبُيُوعِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا الْبَيْعُ عِنْدَ نِدَاءِ الْجُمُعَةِ، ذَكَرَهُ خَلِيلٌ فِي صَلَاةِ الْجُمُعَةِ وَبَقِيَ أَيْضًا مِنْ فُرُوعِ هَذَا الْأَصْلِ التَّسْعِيرُ. نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا سُئِلَ فِيهِ فَقَالَ: «إنَّ اللَّهَ هُوَ الْقَابِضُ وَالْبَاسِطُ وَالْمُغَلِّي وَالْمُرَخِّصُ وَإِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ عِنْدِي مَظْلِمَةٌ ظَلَمْتُهُ إيَّاهَا فِي عِرْضٍ وَمَالٍ» .
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْجَالِبُ لَا يُسَعَّرُ عَلَيْهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ التَّسْعِيرُ لِغَيْرِهِ فَلَا يَكُونُ إلَّا إذَا كَانَ الْإِمَامُ عَدْلًا وَرَآهُ مَصْلَحَةً بَعْدَ جَمْعِ وُجُوهِ أَهْلِ سُوقِ ذَلِكَ الشَّيْءِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: إنْ كَانَ الْبَائِعُ لِلطَّعَامِ مِنْ أَهْلِ السُّوقِ مُنِعَ مِنْ بَيْعِهِ فِي دَارِهِ بِسِعْرِ السُّوقِ. وَوَجْهُهُ أَنَّ ذَلِكَ بِسَبَبِ غَلَائِهِ فَإِنْ كَانَ جَالِبًا بَاعَ فِي دَارِهِ إنْ شَاءَ عَلَى يَدِهِ. وَانْظُرْ حُكْمَ الِاحْتِكَارِ فِي تَرْجَمَتِهِ فِي التِّجَارَةِ لِأَرْضِ الْحَرْبِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ احْتِكَارُ شَيْءٍ مِنْ الطَّعَامِ وَلَا غَيْرِهِ فِي وَقْتٍ يَضُرُّ احْتِكَارُهُ فِيهِ بِالنَّاسِ مِنْ طَعَامٍ وَغَيْرِهِ مِنْ كَتَّانٍ وَحِنَّاءٍ وَعُصْفُرٍ، فَإِنْ لَمْ يَضُرَّ احْتِكَارُهُ فَرَابِعُ الْأَقْوَالِ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ الِاحْتِكَارِ فِي الطَّعَامِ وَغَيْرِهِ. وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ الْقَمْحَ وَالشَّعِيرَ لَا يَجُوزُ احْتِكَارُهُمَا بِحَالٍ. اُنْظُرْ رَسْمَ الْبُيُوعِ الْأَوَّلَ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ.
[مَا يَتَرَتَّبُ عَلَى الْعَقْدِ الْفَاسِدِ وَمَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ قَبْضٍ أَوْ فَوَاتٍ]
(وَإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ) قَالَ ابْنُ شَاسٍ: خَاتِمَةٌ لِهَذَا الْبَابِ يَعْنِي لِبَابِ فَسَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute