للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[فَصْلٌ فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ] [بَيَانِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ وَكَيْفِيَّةِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ]

فَصْلٌ

ابْنُ شَاسٍ: خَاتِمَةٌ فِي قِسْمِ الصَّدَقَاتِ وَهِيَ بَابَانِ: الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي بَيَانِ الْأَصْنَافِ الثَّمَانِيَةِ. الْبَابُ الثَّانِي فِي كَيْفِيَّةِ الصَّرْفِ إلَيْهِمْ. وَلَمَّا ذَكَرَ فِي الْإِحْيَاءِ التَّضْيِيقَ فِي صَرْفِ الزَّكَاةِ قَالَ: وَلَعَلَّ مَنْ لَا يُدْرِكُ غَرَضَ الشَّافِعِيِّ يَتَسَاهَلُ وَيُلَاحِظُ الْمَقْصُودَ مِنْ سَدِّ الْخَلَّةِ وَمَا أَبْعَدَهُ عَنْ التَّحْصِيلِ، فَإِنَّ وَاجِبَاتِ الشَّرْعِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ: قِسْمُ تَعَبُّدٍ مَحْضٍ لَا مَدْخَلَ لِلْحُظُوظِ وَالْأَغْرَاضِ فِيهِ وَذَلِكَ كَرَمْيِ الْجِمَارِ فِي الْحَجِّ، وَقِسْمٌ الْمَقْصُودُ مِنْهُ حَظٌّ مَعْقُولٌ وَلَيْسَ يُقْصَدُ مِنْهُ التَّعَبُّدُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ وَرَدِّ الْمَغْصُوبِ، وَقِسْمٌ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْأَمْرُ أَنَّ: حَظَّ الْعِبَادِ وَامْتِحَانَ الْمُكَلَّفِ بِالِاسْتِعْبَادِ، وَالزَّكَاةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ.

فَحَظُّ الْفَقِيرِ مَقْصُودٌ فِي سَدِّ الْخَلَّةِ وَهُوَ جَلِيٌّ سَابِقٌ إلَى الْفَهْمِ، وَحَقُّ التَّعَبُّدِ فِي اتِّبَاعِ التَّفَاصِيلِ مَقْصُودُ الشَّرْعِ.

قَالَ هَذَا مُرَشِّحًا لِمَنْعِ الشَّافِعِيِّ إخْرَاجَ الدَّرَاهِمِ عَنْ الدَّنَانِيرِ. وَمِنْ نَحْوِ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: مَنْ ذَبَحَ شَاةَ زَكَاتِهِ فَجَزَّأَهَا وَفَرَّقَهَا فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُهُ. ابْنُ رُشْدٍ: وَكَذَا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ أَيْضًا وَهُوَ الْأَظْهَرُ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخْرَجَ عَنْ الْعَيْنِ عَرْضًا انْتَهَى.

وَانْظُرْ إذَا دَفَعَ الشَّاةَ لِمَنْ يَذْبَحُهَا لِلْمَسَاكِينِ يُفَرِّقُهَا عَلَيْهِمْ ظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ ذَلِكَ لَا يُجْزِيهِ أَيْضًا لِأَنَّ يَدَ وَكِيلِهِ كَيَدِهِ، لَكِنْ اتَّفَقَ لِلْإِمَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ دَقِيقًا عُجِنَ بِمَاءٍ مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ فَوَقَعَتْ الْفُتْيَا بِالْوَرَعِ مِنْ أَكْلِهِ فَانْبَخَسَ ثَمَنُهُ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فَدَفَعَ الْإِمَامُ ابْنُ عَرَفَةَ مِنْ زَكَاتِهِ لِرَجُلٍ قَالَ لَهُ: صَرْفُهُ فِيمَا يَظْهَرُ لَك وَإِنْ ظَهَرَ لَك أَنْ تَصْرِفَهُ لِأَهْلِ السِّجْنِ يَعْنِي أَنَّهُمْ كَانُوا جِيَاعًا وَكَانَ زَمَنَ مَسْغَبَةٍ. (وَمَصْرِفُهَا فَقِيرٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: مَصْرِفُهَا الثَّمَانِيَةُ فِي آيَةِ: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ} [التوبة: ٦٠] (وَمِسْكِينٌ هُوَ أَحْوَجُ) أَبُو عُمَرَ عَنْ كُلِّ أَصْحَابِ مَالِكٍ مَعَ الْجَلَّابِ: الْفَقِيرُ مُرَادِفٌ لِلْمِسْكِينِ ابْنُ بَشِيرٍ عَنْ الْأَكْثَرِ: الْفَقِيرُ غَيْرُ الْمِسْكِينِ وَرَوَاهُ أَبُو عَلِيٍّ. وَعَلَى هَذَا رَوَى أَبُو عُمَرَ الْفَقِيرُ ذُو بُلْغَةٍ وَالْمِسْكِينُ لَا شَيْءَ لَهُ.

ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُ رِوَايَةِ الْمُغِيرَةِ عَكْسُ هَذَا. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: لَيْسَ مَقْصُودًا طَلَبُ الْفَرْقِ بَيْنَ الْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ فَلَا تُضَيِّعُ زَمَانَك فِي هَذِهِ الْمَعَانِي فَإِنَّ التَّحْقِيقَ فِيهِ قَلِيلٌ وَالْكَلَامُ فِيهِ عَنَاءٌ إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِ تَحْصِيلٍ إذْ كِلَاهُمَا تَحِلُّ لَهُ الصَّدَقَةُ (وَصُدِّقَا إلَّا لِرِيبَةٍ) سَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ تَصْدِيقُ مُدَّعِي الْفَقْرِ. اللَّخْمِيِّ: مَا لَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>