مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ ابْتَاعَ أَرْضًا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ أَوْ زَرَعَهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِغَيْرِ التِّجَارَةِ فَحَصَدَ زَرْعَهُ وَأَدَّى زَكَاتَهُ حَبًّا فَلَا زَكَاةَ عَلَيْهِ فِيهِ لِلْإِدَارَةِ وَلَا فِي ثَمَنِهِ إنْ بَاعَهُ حَتَّى يَقْبِضَ الثَّمَنَ وَيَسْتَقْبِلَ بِهِ حَوْلًا بَعْدَ قَبْضِهِ كَغَلَّةِ الرَّبْعِ وَالنَّخْلِ.
(وَإِنْ وَجَبَتْ زَكَاةٌ فِي عَيْنِهَا زَكَّى ثُمَّ زَكَّى الثَّمَنَ بِحَوْلِ التَّزْكِيَةِ) تَقَدَّمَ نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ بِهَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَإِنْ اكْتَرَى وَزَرَعَ لِلتِّجَارَةِ ".
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ أَخْرَجَتْ الْأَرْضُ دُونَ خَمْسَةِ أَوْسُقٍ وَكَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ لِلتِّجَارَةِ زَكَّى الثَّمَنَ عَلَى حَوْلِ أَصْلِ ذَلِكَ الْمَالِ قَبْلَ الْحَرْثِ وَلَا يَسْقُطُ الْحَوْلُ الْأَوَّلُ إلَّا إذَا وَجَدَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ فَأَكْثَرَ.
[زَكَاةِ الدُّيُونِ]
. الْبَابُ الثَّالِثُ فِي زَكَاةِ الدُّيُونِ (وَإِنَّمَا يُزَكَّى دَيْنٌ إنْ كَانَ أَصْلُهُ عَيْنًا بِيَدِهِ أَوْ عَرْضَ تِجَارَةٍ) . ابْنُ شَاسٍ: كُلُّ دَيْنٍ ثَبَتَ فِي ذِمَّةٍ وَلَمْ يُخْرَجْ إلَيْهَا مِنْ يَدِ مَنْ هُوَ لَهُ وَلَا بَدَلٌ عَنْهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ عَلَى الْإِطْلَاقِ حَتَّى يَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ قَبْضِهِ، وَإِنْ خَرَجَ هُوَ أَوْ بَدَلٌ عَنْهُ لَيْسَ بِعَرْضِ قِنْيَةٍ عَنْ يَدِ الْمَالِكِ إلَى ذِمَّتِهِ فَلَا يُزَكِّيهِ مَا دَامَ فِي تِلْكَ الْمُدَّةِ حَتَّى يَقْبِضَهُ بَعْدَ عَامٍ أَوْ أَعْوَامٍ مَا لَمْ يَكُنْ مُدِيرًا.
وَقَدْ اسْتَوْفَى ابْنُ رُشْدٍ الْكَلَامَ عَلَى هَذَا الْفَصْلِ فَلْنَذْكُرْ مَا تَكُونُ بِهِ الْفَتْوَى فِي جَمِيعِ نَقْلِهِ مَجْمُوعًا لِتَتَبَيَّنَ الْفُرُوقُ بَيْنَ مَسَائِلِهِ، ثُمَّ أُحِيلَ عَلَيْهِ عِنْدَ تَقْرِيرِ أَلْفَاظِ خَلِيلٍ. فَجَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الدُّيُونَ أَرْبَعَةً: دَيْنٌ مِنْ فَائِدَةٍ، وَدَيْنٌ مِنْ غَصْبٍ، وَدَيْنٌ مِنْ قَرْضٍ، وَدَيْنٌ مِنْ تِجَارَةٍ. فَأَمَّا الدَّيْنُ مِنْ الْفَائِدَةِ فَإِنَّهُ أَرْبَعَةُ أَقْسَامٍ: الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ مِيرَاثٍ أَوْ عَطِيَّةٍ أَوْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ مَهْرِ امْرَأَةٍ أَوْ ثَمَنِ خُلْعٍ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَهَذَا لَا زَكَاةَ فِيهِ حَالًّا كَانَ أَوْ مُؤَجَّلًا حَتَّى يَقْبِضَ وَيَحُولَ الْحَوْلُ عَلَيْهِ مِنْ بَعْدِ الْقَبْضِ، وَلَا دَيْنَ عَلَى صَاحِبِهِ يُسْقِطُ عَنْهُ الزَّكَاةَ، وَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ لَمْ نُوجِبْ عَلَيْهِ ذَلِكَ الزَّكَاةَ فِيهِ.
الْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِنْ ثَمَنِ عَرْضٍ أَفَادَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ الْفَوَائِدِ، فَهَذَا لَا زَكَاةَ فِيهِ حَتَّى يَقْبِضَ وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَسَوَاءٌ كَانَ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ أَوْ بِالتَّأْخِيرِ خِلَافًا لِلْمُغِيرَةِ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. فَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ تَخَرَّجَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ: هَلْ يَبْقَى عَلَى حُكْمِهِ أَوْ يُزَكِّيهِ لِمَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ؟ وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ مِنْ ثَمَنِ عَرْضٍ اشْتَرَاهُ بِنَاضٍّ عِنْدَهُ لِلْقِنْيَةِ، فَهَذَا إنْ كَانَ بَاعَهُ بِالنَّقْدِ لَمْ تَجِبْ عَلَيْهِ فِيهِ زَكَاةٌ حَتَّى يَقْبِضَهُ وَيَحُولَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ بَعْدَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ بَاعَهُ بِتَأْخِيرٍ فَقَبَضَهُ بَعْدَ حَوْلٍ زَكَّاهُ سَاعَةَ يَقْبِضُهُ، وَإِنْ تَرَكَ قَبْضَهُ فِرَارًا مِنْ الزَّكَاةِ زَكَّى لِمَا مَضَى مِنْ الْأَعْوَامِ وَلَا خِلَافَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute