الرَّهْنِ، فَلَا رَهْنَ بِعَيْنٍ مُشَارٍ إلَيْهَا وَلَا بِمَنَافِعَ مُعَيَّنَةٍ إذْ لَا يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهَا مِنْهُ، وَإِنَّمَا الرَّهْنُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنْ ذَلِكَ وَحَيْثُ وَقَعَ فِي أَلْفَاظِ الْمَذْهَبِ إضَافَتُهُ إلَى عَيْنٍ مُشَارٍ إلَيْهَا فَالْمُرَادُ بِهِ أَنَّهُ رَهْنٌ بِقِيمَةِ الْعَيْنِ كَمَا ذُكِرَ فِي الْعَارِيَّةِ.
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يَجُوزُ الرَّهْنُ بِالْعَارِيَّةِ الَّتِي يُغَابُ عَلَيْهَا لِأَنَّهَا مَضْمُونَةٌ.
(وَنَجْمِ كِتَابَةٍ مِنْ أَجْنَبِيٍّ) ابْنُ الْحَاجِبِ: مَا كَانَ فِي أَصْلِهِ غَيْرَ لَازِمٍ وَلَا مَصِيرَ لَهُ إلَى اللُّزُومِ كَنُجُومِ الْكِتَابَةِ فَلَا رَهْنَ بِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا الْعُمُومُ خِلَافُ نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ لَا يَصِحُّ الرَّهْنُ بِالْكِتَابَةِ مِنْ غَيْرِ الْمُكَاتَبِ، وَيَصِحُّ مِنْهُ وَمِثْلُهُ فِي الْمَوَّازِيَّةِ: مَنْ أَخَذَ مِنْ مُكَاتَبِهِ فِي عَبْدِ كِتَابَتِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ بِيَدِهِ ضَمِنَهُ، وَإِنْ سَاوَتْ قِيمَتُهُ الْكِتَابَةَ عَتَقَ مَكَانَهُ. وَنَصُّ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ أَعْطَاك أَجْنَبِيٌّ بِكِتَابَةِ مُكَاتَبِك رَهْنًا لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ كَمَا لَا تَجُوزُ الْحِمَالَةُ بِهَا، وَإِذَا خَافَ الْمُكَاتَبُ الْعَجْزَ جَازَ أَنْ يَرْهَنَ أُمَّ وَلَدِهِ فَأَمَّا وَلَدُهُ فَلَا كَالْبَيْعِ.
[اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ]
(وَجَازَ شَرْطُ مَنْفَعَتِهِ إنْ عُيِّنَتْ بِبَيْعٍ لَا قَرْضٍ) قَالَ مَالِكٌ: إذَا اشْتَرَطَ الْمُرْتَهِنُ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ، فَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ قَرْضٍ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ سَلَفٌ جَرَّ مَنْفَعَةً، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مِنْ بَيْعٍ وَشَرَطَ مَنْفَعَةَ الرَّهْنِ أَجَلًا مُسَمًّى فَلَا بَأْسَ بِهِ فِي الدُّورِ وَالْأَرَضِينَ، وَكَرِهَهُ مَالِكٌ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ إذْ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ وَغَيْرِهَا إذَا سَمَّى أَجَلًا لِجَوَازِ إجَارَةِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ لَا يَدْرِي كَيْفَ تَرْجِعُ إلَيْهِ. وَهَذَا إذَنْ إنَّمَا بَاعَ سِلْعَةً بِثَمَنٍ سَمَّاهُ وَبِعَمَلِ هَذِهِ الدَّابَّةِ وَلِبَاسِ هَذَا الثَّوْبِ أَجَلًا مُسَمًّى فَاجْتَمَعَ بَيْعٌ وَكِرَاءٌ فَلَا بَأْسَ بِهِ (وَفِي ضَمَانِهِ إذَا تَلِفَ تَرَدُّدٌ) ابْنُ يُونُسَ: اخْتَلَفَ فُقَهَاؤُنَا إذَا ضَاعَ الرَّهْنُ الْمُشْتَرَطُ مَنْفَعَتُهُ وَهُوَ مِمَّا يُغَابُ عَلَيْهِ، فَقِيلَ يَضْمَنُهُ لِأَنَّهُ رَهْنٌ عَلَى حَالِهِ وَحُكْمُ الرَّهْنِ بَاقٍ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَضْمَنُهُ كَسَائِرِ الْأَشْيَاءِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَقِيلَ يُنْظَرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute