[كِتَابُ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ] [ضمان سراية الْفِعْل الْمَأْذُون فِي عَيْنه أَوْ جنسه]
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: كِتَابُ مُوجِبَاتِ الضَّمَانِ وَالنَّظَرِ فِي ضَمَانِ سِرَايَةِ الْفِعْلِ الْمَأْذُونِ فِي عَيْنِهِ أَوْ جِنْسِهِ وَضَمَانِ الصَّائِلِ وَإِتْلَافِ الْبَهَائِمِ.
النَّظَرُ الْأَوَّلُ فِي ضَمَانِ السِّرَايَةِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا ضَمَانَ عَلَى طَبِيبٍ وَحَجَّامٍ وَخَاتِنٍ وَبَيْطَارٍ إنْ مَاتَ حَيَوَانٌ بِمَا صَنَعُوا بِهِ إنْ لَمْ يُخَالِفُوا. (وَضَمِنَ مَا سَرَى كَطَبِيبٍ جَهِلَ أَوْ قَصَّرَ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ شَاسٍ أَنَّ مِثْلَ الطَّبِيبِ الْخَاتِنُ وَالْبَيْطَارُ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ مَاتَ مِنْ سَقْيِ طَبِيبٍ أَوْ خَتْنِ الْحَجَّامِ أَوْ تَقْلِيعِهِ ضِرْسًا لَمْ يَضْمَنْهُ إنْ لَمْ يَخْطَآ فِي فِعْلِهِمَا إلَّا أَنْ يَنْهَاهُمَا الْحَاكِمُ عَنْ الْقُدُومِ عَلَى ذِي غَرَرٍ إلَّا بِإِذْنِهِ، فَمَنْ خَالَفَهُ ضَمِنَ فِي مَالِهِ. هَذَا ظَاهِرُ السَّمَاعِ. وَمَا كَانَ يَخْطَأُ فِي فِعْلِهِ كَسَقْيِهِ مَا لَا يُوَافِقُ الْمَرَضَ أَوْ تَزَلْ يَدُ الْخَاتِنِ أَوْ يَقْلَعُ غَيْرَ الضِّرْسِ الْمَأْمُورِ بِهَا، فَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ وَلَمْ يُغَرَّ مِنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ خَطَأٌ تَحْمِلُ عَاقِلَتُهُ الثُّلُثَ فَصَاعِدًا.
وَإِنْ غُرَّ مِنْ نَفْسِهِ عُوقِبَ بِالضَّرْبِ وَالسَّجْنِ، وَفِي كَوْنِ أَرْشِ الْجِنَايَةِ إلَى الْخَطَأِ أَوْ فِي مَالِهِ قَوْلَانِ (أَوْ بِلَا إذْنٍ مُعْتَبَرٍ) ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِنْ كَانَ جَاهِلًا بِهِ أَوْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فَلَا ضَمَانَ كَالْخَطَأِ، وَإِذْنُ الْعَبْدِ أَنْ يَحْجُمَهُ غَيْرُ مُفِيدٍ (وَلَوْ أَذِنَ عَبْدٌ فِي فَصْدٍ أَوْ حِجَامَةٍ أَوْ خِتَانٍ) قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ أَمَرَهُ عَبْدٌ أَنْ يَخْتِنَهُ أَوْ يَحْجُمَهُ أَوْ يَقْطَعَ عِرْقَهُ فَفَعَلَ فَهُوَ ضَامِنٌ مَا أَصَابَ الْعَبْدَ فِي ذَلِكَ أَوْ فَعَلَهُ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ عَلِمَ أَنَّهُ عَبْدًا أَوْ لَمْ يَعْلَمْ. وَقِيلَ: هَذَا ظَاهِرٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْخِتَانِ لَا بِالنِّسْبَةِ لِلْحِجَامَةِ.
(وَكَتَأْجِيجِ نَارٍ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ أَرْسَلَ فِي أَرْضِهِ نَارًا أَوْ مَاءً فَوَصَلَ إلَى أَرْضِ جَارِهِ فَأَفْسَدَ زَرْعَهُ،
فَإِنْ كَانَتْ أَرْضُ جَارِهِ بَعِيدَةً يُؤْمَنُ أَنْ يُوصَلَ ذَلِكَ إلَيْهَا فَتَحَامَلَتْ النَّارُ بِرِيحٍ أَوْ غَيْرِهِ فَأَحْرَقَتْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ مِنْ ذَلِكَ لِقُرْبِهَا فَهُوَ ضَامِنٌ. ابْنُ رُشْدٍ: مِثْلُ هَذَا مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَجُلٍ طَبَخَ سَكَرًا فِي قِدْرٍ سَتَرَهَا عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ بِقَصَبٍ وَكَانَ صَبِيٌّ خَلْفَ الْقَصَبِ نَائِمًا لَا عِلْمَ لِلطَّابِخِ بِهِ فَفَارَتْ الْقِدْرُ بِمَا فِيهَا فَأَصَابَ الصَّبِيَّ مَا خَرَجَ مِنْهَا فَمَاتَ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: الضَّمَانُ فِي مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ إنَّمَا هُوَ فِيمَا قَصَدَهُ بِالتَّعَدِّي حَيْثُ أَوْقَدَ النَّارَ عِنْدَ هُبُوبِ الرِّيحِ.
(وَكَسُقُوطِ جِدَارٍ مَالَ وَأُنْذِرَ صَاحِبُهُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَالْحَائِطُ الْمَخُوفُ إذَا أُشْهِدَ عَلَى رَبِّهِ ثُمَّ عَطِبَ بِهِ أَحَدٌ فَرَبُّهُ ضَامِنٌ، وَإِنْ لَمْ يُشْهَدْ عَلَيْهِ لَمْ يَضْمَنْ وَإِنْ كَانَ مَخُوفًا. ابْنُ عَرَفَةَ: فَإِذَا لَمْ يَضْمَنْ فِي الْمَائِلِ لِعَدَمِ الْإِشْهَادِ فَأَحْرَى فِي غَيْرِ الْمَائِلِ (وَأَمْكَنَ تَدَارُكُهُ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ مَالَ الْحَائِطُ وَلَمْ يُتَدَارَكْ مَعَ الْإِمْكَانِ وَالْإِنْذَارِ وَالْإِشْهَادِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute