للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثَوَابٌ كَثِيرٌ جَاءَ أَنَّ اللَّهَ يُلْبِسُ الَّذِي عَزَّاهُ لِبَاسَ التَّقْوَى. «وَعَزَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - امْرَأَةً فِي ابْنِهَا فَقَالَ: إنَّ لِلَّهِ مَا أَخَذَ وَلَهُ مَا أَبْقَى وَلِكُلِّ أَجَلٍ مُسَمًّى وَكُلٌّ إلَيْهِ رَاجِعُونَ فَاحْتَسِبِي وَاصْبِرِي فَإِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الْأُولَى» .

وَرُوِيَ: «بَارَكَ اللَّهُ لَك فِي الْبَاقِي وَآجَرَك فِي الْفَانِي» .

وَرُوِيَ: «آجَرَكُمْ اللَّهُ فِي مُصِيبَتِكُمْ وَأَعْقَبَكُمْ مِنْهَا خَيْرًا» . ابْنُ حَبِيبٍ: وَالتَّعْزِيَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ وَاسِعٌ فِي الدِّينِ وَأَمَّا فِي الْأَدَبِ فَيُعَزَّى الرَّجُلُ فِي بَيْتِهِ وَمَنْزِلِهِ. ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَوُقُوفُ وَلِيِّ الْمَيِّتِ عِنْدَ تَسْوِيَةِ التُّرَابِ عَلَى الْقَبْرِ فَيُعَزَّى.

قَالَ النَّخَعِيُّ: إنَّهُ مَكْرُوهٌ لَكِنَّهُ مُسْتَعْمَلٌ. وَمَاتَتْ امْرَأَةٌ مِنْ أَهْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فَقَالَ: إنَّا لَا نُعَزَّى فِي النِّسَاءِ.

قَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ فَبِالْأُمِّ. ابْنُ يُونُسَ: وَقَالَ غَيْرُهُ كُلٌّ وَاسِعٌ. قَالَ مَالِكٌ: لَا يُعْجِبُنِي لِلْمَرْءِ أَنْ يُعَزِّيَ الْمُسْلِمَ إذَا هَلَكَ أَبُوهُ الْكَافِرُ. ابْنُ رُشْدٍ: لَيْسَ هَذَا بِبَيِّنٍ لِأَنَّ التَّعْزِيَةَ بِالْمَيِّتِ تَجْمَعُ ثَلَاثَةَ أَشْيَاءَ: أَحَدُهَا تَهْوِينُ الْمُصِيبَةِ عَلَى الْمُعَزَّى وَتَسْلِيَتُهُ مِنْهَا، وَتَحْضِيضُهُ عَلَى الْتِزَامِ الصَّبْرِ وَاحْتِسَابِ الْأَجْرِ وَالرِّضَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَالتَّسْلِيمِ لِأَمْرِهِ. وَالثَّانِي الدُّعَاءُ بِأَنْ يُعَوِّضَهُ اللَّهُ مِنْ مُصَابِهِ بِنَيْلِ الثَّوَابِ وَيُحْسِنَ لَهُ الْعُقْبَى وَالْمَآبَ. وَالثَّالِثُ الدُّعَاءُ لِلْمَيِّتِ فَيُعَزَّى الْمُسْلِمُ بِأَبِيهِ الْكَافِرِ لِلْحَضِّ عَلَى الرِّضَا بِقَدَرِ اللَّهِ وَالدُّعَاءِ لَهُ، إذْ لَا يَمْنَعُ أَنْ يُؤْجَرَ الْمُسْلِمُ بِمَوْتِ أَبِيهِ الْكَافِرِ إذَا سَلَّمَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَرَضِيَ بِقَضَائِهِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُعَزِّيَ جَارَهُ الْكَافِرَ بِمَوْتِ أَبِيهِ الْكَافِرِ لِذِمَامِ الْجِوَارِ.

قَالَ سَحْنُونَ: يَقُولُ لَهُ أَخْلَفَ اللَّهُ لَك الْمُصِيبَةَ فَالْمُسْلِمُ أَوْلَى بِالتَّعْزِيَةِ وَيُعَزَّى الْحُرُّ بِالْعَبْدِ

[صفة الْقَبْر]

(وَعَدَمُ عُمْقِهِ) ابْنُ حَبِيبٍ: يُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يُعَمَّقَ الْقَبْرُ جِدًّا بَلْ قَدْرَ عَظْمِ الذِّرَاعِ فَقَبِلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: لَعَلَّهُ أَرَادَ الشَّقَّ الَّذِي هُوَ نَفْسُ اللَّحْدِ وَأَمَّا نَفْسُ الْقَبْرِ فَيَكُونُ أَكْثَرَ. ابْنُ عَاتٍ: مَنْ رَأَى تَعْمِيقَهُ الْقَامَةَ وَالْقَامَتَيْنِ رَآهُ فِي أَرْضِ الْوَحْشِ أَوْ تَوَقَّعَ النَّبْشَ. ابْنُ حَبِيبٍ: اللَّحْدُ أَفْضَلُ مِنْ الشَّقِّ إنْ أَمْكَنَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>