أُنَفِّلُك ابْنَتَهُ فَنَفَّلَهُ إيَّاهَا وَاِتَّخَذَهَا أُمَّ وَلَدٍ.
وَنَقَلَ أَيْضًا فِي عُيُونِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مَسْلَمَةَ حَاصَرَ حِصْنًا مِنْ حُصُونِ الْكُفَّارِ وَنَدَبَ النَّاسَ لِلدُّخُولِ مِنْ نَقْبٍ هُنَاكَ فَمَا دَخَلَهُ أَحَدٌ. فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ عَرْضِ الْجَيْشِ فَدَخَلَهُ فَفَتَحَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فَنَادَى مَسْلَمَةُ: أَيْنَ صَاحِبُ النَّقْبِ؟ فَمَا جَاءَ أَحَدٌ فَنَادَى: إنِّي عَزَمْت عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ فَأَتَى رَجُلٌ وَقَالَ: صَاحِبُ النَّقْبِ يَأْخُذُ عَلَيْكُمْ ثَلَاثًا أَنْ لَا تَجْعَلُوا اسْمَهُ فِي صَحِيفَةٍ إلَى الْخَلِيفَةِ. وَلَا تَأْمُرُوا لَهُ بِشَيْءٍ وَلَا تَسْأَلُوهُ مِمَّنْ هُوَ. فَقَالَ مَسْلَمَةُ: ذَلِكَ لَهُ. فَقَالَ: أَنَا هُوَ. فَكَانَ مَسْلَمَةُ لَا يُصَلِّي صَلَاةً إلَّا قَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مَعَ صَاحِبِ النَّقْبِ.
[الْجِهَادُ بِالرَّاتِبِ]
وَقَالَ أَيْضًا: إنَّ السَّلَفَ اخْتَلَفُوا فِي جَوَازِ الْجِهَادِ بِالرَّاتِبِ قَالَ: وَعَلَى الْقَوْلِ بِالْجَوَازِ إنْ كَانَتْ إنْ مُنِعَ الرَّاتِبُ لَمْ يَخْرُجْ وَإِنَّمَا خَرَجَ مِنْ أَجْلِ الْمُرَتَّبِ فَهَذَا إنْ قُتِلَ فَهُوَ شَهِيدٌ فِي الظَّاهِرِ لَا يُغَسَّلُ وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهِ وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرُ شَهِيدٍ قَالَ: إلَّا إنْ حَضَرَتْ لَهُ نِيَّةٌ عِنْدَ اللِّقَاءِ فَيَكُونُ شَهِيدًا عِنْدَ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ. وَأَمَّا غَدْوُهُ وَرَوَاحُهُ وَمَا نَالَهُ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْ غُبَارٍ وَخَوْفٍ فَلَيْسَ لَهُ فِيهِ أَجْرٌ.
وَنَقَلَ أَيْضًا - أَعْنِي صَاحِبَ كِتَابِ مَعَارِفِ الْأَشْوَاقِ - أَنَّ النِّيَّةَ فِي الْجِهَادِ لَا تَنْحَصِرُ لِتَنَوُّعِ الْمَقَاصِدِ أَعْلَاهَا مَنْ يَقْصِدُ بِجِهَادِهِ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى لِاسْتِحْقَاقِهِ هَذِهِ الْعِبَادَةَ وَأَمْرِهِ بِهَا وَافْتَرَضَهَا عَلَى عِبَادِهِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ لِجَزَاءٍ عَلَيْهَا لَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ. قَالَ: وَمِنْهُ مَا رَوَاهُ الْجَوْزِيُّ بِسَنَدِهِ إلَى مَيْسَرَةَ. قَالَ: غَزَوْنَا بَعْضَ الْغَزَوَاتِ فَإِذَا بَيْنَ الصُّفُوفِ شَابٌّ فَحَمَلَ عَلَى الْمَيْمَنَةِ ثُمَّ حَمَلَ عَلَى الْقَلْبِ ثُمَّ قَالَ:
أَحْسِنْ بِمَوْلَاك سَعِيدٍ ظَنَّا ... هَذَا الَّذِي كُنْت لَهُ تَمَنَّى
تَنَحَّى يَا حُورَ الْجِنَانِ عَنَّا ... لَا فِيك قَاتَلْنَا وَلَا قُتِلْنَا
لَكِنْ إلَى سَيِّدِنَا اشْتَقْنَا ... قَدْ عَلِمَ السِّرَّ وَمَا أَعْلَنَّا
ثُمَّ حَمَلَ وَهُوَ يَقُولُ:
قَدْ كُنْت أَرْجُو وَرَجَائِي لَمْ يَخِبْ ... أَنْ لَا يَضِيعَ الْيَوْمَ كَدِّي وَالتَّعَبْ
يَا مَنْ مَلَا تِلْكَ الْقُصُورَ بِاللَّعِبِ ... لَوْلَاك مَا طَابَ وَمَا طَابَ الطَّرَبْ
ثُمَّ حَمَلَ حَتَّى قَتَلَ مِنْهُمْ عَدَدًا كَثِيرًا ثُمَّ رَجَعَ فَحَمَلَ وَهُوَ يَقُولُ:
يَا لُعْبَةَ الْخُلْدِ قِفِي ثُمَّ اسْمَعِي ... لَا فِيك قَاتَلْنَا فَكَفَى وَارْجِعِي
ارْجِعِي إلَى الْجِنَانِ وَاتْرَعِي ... لَا تَطْمَعِي لَا تَطْمَعِي لَا تَطْمَعِي
ثُمَّ حَمَلَ فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ.
(كَمُتَلَصِّصٍ) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ الْحَاجِبِ بِهَذَا وَيَبْقَى النَّظَرُ هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ وَقَدْ قَالَ سَحْنُونَ: أَصْحَابُنَا يَرَوْنَ فِي سَرِيَّةٍ تَخْرُجُ فِي قِلَّةٍ وَغَرَرٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَغَنِمُوا. فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَمْنَعَهُمْ الْغَنِيمَةَ أَدَبًا لَهُمْ. فَقَالَ سَحْنُونَ: فَأَمَّا جَمَاعَةٌ لَا يَخَافُ عَلَيْهِمْ فَلَا يَحْرُمُهُمْ الْغَنِيمَةَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَأْذِنُوهُ، يُرِيدُ وَقَدْ أَخْطَئُوا. ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُسْتَنِدُ إلَى الْجَيْشِ مِنْ مُنْفَرِدٍ وَسَرِيَّةٍ كَالْجَيْشِ وَإِلَّا فَهُمْ كَالْمُتَلَصِّصِ.
(فَيُخَمَّسُ الْمُسْلِمُ دُونَ الذِّمِّيِّ وَفِي الْعَبْدِ قَوْلَانِ) وَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عَرَفَةَ: مَا مَلَكَ مِنْ أَمْوَالِ الْكَافِرِينَ غَنِيمَةٌ وَفَيْءٌ وَمُخْتَصٌّ. ثُمَّ قَالَ: وَالْمُخْتَصُّ بِأَخْذِهِ مَا أَخَذَهُ مِنْ مَالِ حَرْبِيٍّ غَيْرِ مُؤَمَّنٍ دُونَ