للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلَّا أَنَّهُمْ أَرَادُوا التَّوَاسِي وَقَدْ قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إذَا أَرْمَلُوا جَمَعُوا زَادَهُمْ فَتَوَاسَوْا فِيهِ فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ» .

وَانْظُرْ أَيْضًا مِنْ هَذَا الْمَعْنَى إلْغَاءَ شَرِيكَيْ الْمُفَاوَضَةِ نَفَقَتَهُمَا. وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بَأْسَ عَلَى عَامِلِ الْقِرَاضِ فِي إعْطَاءِ السَّائِلِ الْكِسْرَةَ وَكَذَلِكَ التَّمَرَاتِ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ مِنْ الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُتَشَاحُّ فِي مِثْلِهِ.

وَكَذَا الْوَصِيُّ يُعْطِي السَّائِلَ مِنْ مَالِ يَتِيمِهِ وَأَصْلُهُ قَوْله تَعَالَى: {أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ} [النور: ٦١] الْآيَةَ وَانْظُرْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ قَوْلَ مَالِكٍ إنْ دَفَعَ الْعَامِلُ لِرَبِّ الْمَالِ حَظَّ رِبْحِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ جَازَ.

ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا جَائِزٌ إنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ السَّلَفِ، وَمَنَعَ سَحْنُونَ ذَلِكَ إنْ كَانَ أَعْطَاهُ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ الشِّرَاءِ؛ لِأَنَّ رِبْحَهُ لَيْسَ فِي ذِمَّةِ الْعَامِلِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَالِ بِعَيْنِهِ اهـ. اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا فِي الْمُنْتَقَى أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يَأْخُذَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ عَيْنًا وَيَقْسِمَانِ مَا بَقِيَ مِنْ سِلَعٍ أَوْ غَيْرِهَا، أَوْ يَأْخُذَ رَبُّ الْمَالِ رَأْسَ مَالِهِ سِلَعًا وَيَقْسِمَانِ مَا بَقِيَ مِنْ عَيْنٍ أَوْ عَرْضٍ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ الْمَأْخُوذُ مِمَّا يَجُوزُ تَسْلِيمُ رَأْسِ الْمَالِ فِيهِ.

وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إنْ سَلَّفَ الْعَامِلُ فِي طَعَامٍ ثُمَّ كَرِهَ التَّقَاضِي فَأَسْلَمَ ذَلِكَ فَرَضِيَ رَبُّ الْمَالِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: رَأَيْت فَتْوَى لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ يَجُوزُ فِي الْقِرَاضِ أَنْ يَأْخُذَ عَنْ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ وَعَكْسُهُ بِصَرْفِ وَقْتِهِ. وَسُئِلَ عَنْهَا الْغُبْرِينِيُّ فَقَالَ كَذَلِكَ.

قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: بِدَلِيلِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ قِرَاضِ الْعُتْبِيَّةِ مَفْهُومُ قَوْلِهِ قَبْلَ الْعَمَلِ أَنَّهُ يَجُوزُ بَعْدَ الْعَمَلِ.

وَمِنْ رَسْمِ الْعَرِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى قَارَضَهُ بِعَشْرَةٍ تَنْقُصُ خَرُّوبَةً. وَانْظُرْ قَبْلَ هَذَا فِي الْوَكَالَةِ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ " نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ. وَانْظُرْ فِيهِ أَيْضًا مَا يَفْضُلُ عِنْدَ الْمُقَارِضِ إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرِهِ كَالْجُبَّةِ قَالَ مَالِكٌ: تُتْرَكُ لَهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا قَدْرٌ كَكِسْوَةِ الْمَرْأَةِ بِمَوْتِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ قَبْلَ السَّنَةِ لَا تُتْبَعُ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لَهَا فِي السَّنَةِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ.

وَانْظُرْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: " إنْ اشْتَرَى مَنْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ عَالِمًا " هَلْ الْعِلْمُ الْمَشْرُوطُ فِي هَذَا الْفَصْلِ عِلْمُهُ بِالْأُبُوَّةِ أَوْ الْأُخُوَّةِ لَا عِلْمُهُ بِوُجُوبِ عِتْقِهِ.

قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا هُوَ أَصْلُ الْمَذْهَبِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْحُكْمِ أَوْ بِالْجَهْلِ بِهِ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا إنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعِلْمُ أَوْ الْجَهْلُ فِي أَسْبَابِ الْأَحْكَامِ.

[كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ]

[بَابٌ فِي أَرْكَانِ الْمُسَاقَاة وَمَا بِهِ تَنْعَقِدُ وَحُكْمِهَا فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ]

(كِتَابُ الْمُسَاقَاةِ)

ابْنُ شَاسٍ: فِي الْمُسَاقَاةِ بَابَانِ: الْأَوَّلُ فِي أَرْكَانِهَا وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: مُتَعَلِّقُ الْعَقْدِ وَالْمَشْرُوطُ لِلْعَامِلِ وَالْعَمَلُ وَمَا بِهِ تَنْعَقِدُ. الْبَابُ الثَّانِي فِي حُكْمِهَا فِي حَالِ الصِّحَّةِ وَالْفَسَادِ. عِيَاضٌ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ سَقْيِ الثَّمَرَةِ إذْ هِيَ مُعْظَمُ عَمَلِهَا وَأَصْلُ مَنْفَعَتِهَا. وَانْظُرْ قَدْ قَالَ مَالِكٌ: إذَا دَخَلَ الْحَائِطَ سَيْلٌ أَقَامَ فِيهِ حَتَّى اسْتَغْنَى عَنْ الْمَاءِ فَلَا يُحَاسِبُهُ رَبُّ الْحَائِطِ بِذَلِكَ. وَانْظُرْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى سَقْيِهِ قَبْلَ الْمَطَرِ فَإِنَّهُ يَحُطُّ مِنْ الْأَجْرِ.

قَالَ ابْنُ شَاسٍ: الْمُسَاقَاةُ سُنَّةً عَلَى حِيَالِهَا مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُخَابَرَةِ وَكِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>