يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ، فَإِنْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ إذْنِ صَاحِبِهِ فَلْيَتَحَلَّلْ صَاحِبَهُ، فَإِنْ حَلَّلَهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ أَبَى فَلْيُكَافِئْهُ بِمِثْلِهِ إنْ كَانَ شَيْئًا لَهُ مُكَافَأَةٌ.
ابْنُ عَرَفَةَ: مِثْلُ هَذَا فِي الْمُوَطَّأِ وَقَرَّرَهُ الْبَاجِيُّ بِقَوْلِهِ: إنْ اجْتَمَعَ مَعَ رُفَقَائِهِ فَجَاءُوا بِطَعَامٍ عَلَى مَا يَتَخَارَجُهُ الرُّفَقَاءُ فِي السَّفَرِ فَذَلِكَ وَاسِعٌ، وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُ أَكْثَرَ مِنْ بَعْضٍ مَا لَمْ يَتَعَمَّدْ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْهِمْ بِأَمْرٍ مُسْتَنْكَرٍ.
وَإِنْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْكُلُ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ أَكْثَرَ مِنْ صَاحِبِهِ وَمَنْ يَصُومُ فِي يَوْمٍ دُونَ رُفَقَائِهِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَكَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا يَتَسَاوَى فِيهِ ثُمَّ يُنْفِقُونَ مِنْهُ فِي طَعَامِهِمْ وَغَيْرِهِ مِمَّا مَسَّتْهُمْ الْحَاجَةُ إلَيْهِ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ انْفِرَادَ كُلِّ إنْسَانٍ بِتَوَلِّي طَعَامِهِ يَشُقُّ عَلَيْهِ وَيَشْغَلُهُ عَمَّا هُوَ بِسَبَبِهِ مِنْ أَمْرِ تِجَارَتِهِ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَذَلِكَ غَيْرُ الْمُسَافِرِينَ.
قَالَهُ بَعْضُ مَنْ لَقِيت وَهُوَ وَاضِحٌ اهـ. اُنْظُرْ هَلْ يَكُونُ مِنْ هَذَا مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى بَيْنَ الْأَصْهَارِ وَالْقَرَابَاتِ يَشْتَرُونَ الْكَرْمَ عَصِيرًا وَيَسْكَرُ الْجَمِيعُ؟ وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - يُقَرِّرُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ وَيُمَثِّلُ بِالطَّلَبَةِ بِالْمَدْرَسَةِ وَكَوْنِهِمْ يَطْحَنُ أَحَدُهُمْ دَقِيقَهُ، فَإِذَا فَنِيَ دَقِيقُهُ طَحَنَ الْآخَرُ مِنْ قَمْحِهِ وَهَكَذَا، وَلَكِنْ لِقِلَّةِ الِامْتِحَانِ لَا أَدْرِي عَلَى مَا كَانَ يُخَرِّجُ ذَلِكَ.
وَرَأَيْت فِي نَوَازِلِ الْبُرْزُلِيُّ أَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ أَجَازَ أَنْ يُغَدِّيَ أَحَدُهُمْ الْحَصَّادَةَ وَيُعَشِّيَهُمْ الْآخَرُ كَمَا فِي الْمُكَاتَبِ يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا نَجْمًا حَتَّى يَأْخُذَ صَاحِبُهُ النَّجْمَ الْآخَرَ. وَفِي جَامِعِ الْمُوَطَّأِ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ جَمَعَ أَزْوَادَ الْجَيْشِ.
قَالَ الْبَاجِيُّ: يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ أَهْلِ الْجَيْشِ، وَرِضَاهُمْ وَإِنْ كَانَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهُمْ أَكْثَرَ زَادًا مِنْ بَعْضٍ وَيَكُونَ فِيهِمْ مَنْ فَنِيَ زَادُهُ جُمْلَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute