عَنْ قَاتِلِهِ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَهَلْ ذَلِكَ كَإِيصَائِهِ؟ .
(وَيَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يُمَكَّنُ ذُو الْقَوَدِ فِي الْجِرَاحِ مِنْ الْقِصَاصِ بَلْ يُقْتَصُّ لَهُ مَنْ يَعْرِفُ الْقِصَاصَ، وَأَمَّا فِي الْقَتْلِ فَيُدْفَعُ لِلْوَلِيِّ يَقْتُلُهُ وَيُنْهَى عَنْ الْعَبَثِ.
(بِأَجْرٍ مِنْ الْمُسْتَحِقِّ) سُمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أَجْرُ الْقِصَاصِ عَلَى الْمُقْتَصِّ لَهُ.
(وَلِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ وَيَنْهَى عَنْ الْعَبَثِ) هَذَا نَصُّ الْمُدَوَّنَةِ وَقَدْ تَقَدَّمَ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَا يَنْبَغِي لِلْمُسْتَحِقِّ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالِاسْتِيفَاءِ دُونَ الرَّفْعِ إلَى السُّلْطَانِ فَإِنْ فَعَلَ عُزِّرَ وَوَقَعَ الْمُوَقَّعُ.
[فَصَلِّ تَأْخِير الْقِصَاص]
(وَأُخِّرَ لِبَرْدٍ وَحَرٍّ. كَالْبُرْدِ) اُنْظُرْ هَذَا الْإِطْلَاقَ. قَالَ ابْنُ شَاسٍ: يُؤَخَّرُ الْقِصَاصُ فِيمَا دُونَ الْقَتْلِ لِلْحَرِّ الْمُفْرِطِ وَالْبَرْدِ الْمُفْرِطِ وَمَرَضِ الْجَانِي.
قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: إذَا وَضَعَتْ الْحَامِلُ الَّتِي وَجَبَ عَلَيْهَا الْحَدُّ إنْ كَانَ حَدُّهَا الرَّجْمَ لَمْ تُؤَخَّرْ، وَإِنْ كَانَ حَدُّهَا الْجَلْدَ لَمْ تَحُدَّ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ نِفَاسِهَا لِأَنَّ مَنْ حَدُّهُ الْجَلْدُ فَلَا يُحَدُّ فِي وَقْتٍ يُخْشَى عَلَيْهِ التَّلَفُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ سَرَقَ فِي شِدَّةِ الْبَرْدِ فَخِيفَ مَوْتُهُ مِنْ قَطْعِهِ أَخَّرَهُ الْإِمَامُ. ابْنُ الْقَاسِمِ: الْحَرُّ إنْ عُلِمَ خَوْفُهُ كَالْبَرْدِ.
وَفِي النَّوَادِرِ: الْمَرَضُ الْمَخُوفُ لَا يُقْطَعُ فِيهِ وَلَا يُحَدُّ وَلَا يُنَكَّلُ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إذَا وَجَبَ الْحَدُّ عَلَى ضَعِيفِ الْجِسْمِ يُخَافُ عَلَيْهِ الْمَوْتُ سَقَطَ عَنْهُ الْحَدُّ وَيُعَاقَبُ وَيُسْجَنُ، وَإِنْ كَانَ الْقَطْعُ عَنْ قِصَاصٍ رَجَعَ لِلدِّيَةِ وَفِي كَوْنِهَا عَلَى الْعَاقِلَةِ أَوْ عَلَى الْجَانِي خِلَافٌ. ابْنُ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ: لَيْسَ لِمَنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ الْخِتَانِ تَرْكُهُ. أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ وَجَبَ قَطْعُ يَدِهِ لَا يُتْرَكُ لِذَلِكَ.
(كَدِيَتِهِ خَطَأً وَلَوْ لِجَائِفَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: يُؤَخَّرُ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ حَتَّى يَبْرَأَ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُقَادُ مِنْ جُرْحِ الْعَمْدِ وَلَا يُعْقَلُ فِي الْخَطَأِ إلَّا بَعْدَ الْبُرْءِ.
وَإِنْ طَلَبَ الْمَقْطُوعُ الْحَشَفَةِ تَعْجِيلَ فَرْضِ الدِّيَةِ إذْ لَا بُدَّ مِنْهَا وَلَوْ عَاشَ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ لَعَلَّ أُنْثَيَيْهِ أَوْ غَيْرَهُمَا تَذْهَبُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ أَوْضَحَهُ رَجُلٌ فَأَرَادَ تَعْجِيلَ دِيَةِ الْمُوضِحَةِ فَلَا يُعَجَّلُ لَهُ شَيْءٌ إذْ لَعَلَّهُ يَمُوتُ فَتَكُونُ الْقَسَامَةُ فِيهِ، وَكَذَلِكَ إنْ ضَرَبَهُ مَأْمُومَةً خَطَأً فَالْعَاقِلَةُ تَحْمِلُهَا مَاتَ أَوْ عَاشَ لَكِنْ لَا يُعَجَّلُ لَهُ شَيْءٌ حَتَّى يَبْرَأَ، لِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهَا لَمْ تَجِبْ الدِّيَةُ إلَّا بِقَسَامَةٍ، فَإِنْ أَبَى وَرَثَتُهُ أَنْ يُقْسِمُوا كَانَ عَلَى الْعَاقِلَةِ نِصْفُ الدِّيَةِ لِمَأْمُومَتِهِ، وَإِنَّمَا فِي هَذَا الِاتِّبَاعُ وَالتَّسْلِيمُ لِلْعُلَمَاءِ.
وَقَالَ أَشْهَبُ: مَا بَلَغَ ثُلُثَ الدِّيَةِ مِنْ الْخَطَأِ لَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ عَقْلِهِ كَالْجَائِفَةِ وَالْمَأْمُومَةِ فَقَدْ وَجَبَتْ سَاعَةَ