وَصَوَّبَ اللَّخْمِيِّ قَوْلَ مَالِكٍ الْآخَرَ أَنَّهَا جَائِفَةٌ وَاحِدَةٌ. قَالَ: لِأَنَّهُ إنَّمَا جَعَلَ فِيهَا ثُلُثَ دِيَةٍ لِقَدْرِهَا وَأَنَّهَا تُصَادِفُ مَقْتَلَ الْقَلْبِ أَوْ الْكَبِدِ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ، وَهَذَا إنَّمَا يُخْشَى حِينَ الضَّرْبَةِ مِنْ خَارِجٍ وَنُفُوذِهَا مِنْ دَاخِلٍ إلَى خَارِجٍ لَا غَرَرَ فِيهِ (كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ وَالْمُنَقِّلَةِ وَالْآمَّةِ إنْ لَمْ تَتَّصِلْ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ) لَوْ قَالَ: " وَتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ كَتَعَدُّدِهَا وَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ " لِتَنْزِلَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَعَلَى مَا يَتَقَرَّرُ.
قَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَوْ انْخَرَقَ مَا بَيْنَ الْجَائِفَتَيْنِ لَكَانَ فِيهِمَا دِيَةُ جَائِفَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْمُوضِحَةِ تَعْظُمُ فَتَكْشِفُ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ ضَرَبَاتٍ إلَّا أَنَّهُ فِي فَوْرٍ وَاحِدٍ. وَكَذَلِكَ الْمَأْمُومَةُ وَالْمُنَقِّلَةُ. وَأَمَّا إنْ لَمْ يَنْخَرِقْ الْجِلْدُ حَتَّى يَتَّصِلَ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَتْ ضَرْبَةً وَاحِدَةً حَتَّى تَصِيرَ تِلْكَ الضَّرْبَةُ مَوَاضِحَ، فَإِنْ كَانَ مَا بَيْنَ ذَلِكَ وَرَمًا أَوْ جُرْحًا لَا يَبْلُغُ الْعَظْمَ أَوْ صَارَتْ الضَّرْبَةُ مَنَاقِلَ وَمَا بَيْنَ الْمَنَاقِلِ مِثْلُ ذَلِكَ أَوْ صَارَتْ الضَّرَبَاتُ مَوَائِمَ وَمَا بَيْنَهَا مِثْلُ ذَلِكَ وَلَمْ يَخْرِقْ ذَلِكَ، فَلَهُ دِيَةُ تِلْكَ الْمَوَاضِحِ وَالْمَنَاقِلِ وَالْمَوَائِمِ.
[الدِّيَة الْوَاجِبَة فِيمَا يَفُوت الْمَنَافِع]
(وَالدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ) ابْنُ شَاسٍ: النَّوْعُ الثَّالِثُ مِنْ الْجِنَايَاتِ مَا يُفَوِّتُ الْمَنَافِعَ وَالنَّظَرُ فِي عَشْرِ مَنَافِعَ: الْأَوَّلُ الْعَقْلُ إذَا أَزَالَهُ بِالضَّرْبِ فَدِيَةٌ وَاحِدَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَإِنْ نَقَصَ بَعْضُهُ فَبِحِسَابِ ذَلِكَ (أَوْ السَّمْعِ) فِي الْمُوَطَّأِ: بَلَغَنِي أَنَّ فِي الْأُذُنَيْنِ إذَا ذَهَبَ سَمْعُهُمَا الدِّيَةُ كَامِلَةً اصْطَلَمَتَا أَوْ لَمْ تَصْطَلِمَا، وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنَّمَا الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ لَا فِي الْأُذُنَيْنِ. ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ لَا فِي الْأُذُنَيْنِ، وَإِنْ ذَهَبَتَا وَالسَّمْعُ بَاقٍ فَإِنَّمَا فِيهِمَا حُكُومَةٌ (أَوْ الْبَصَرِ) ابْنُ شَاسٍ: فِي إبْطَالِ الْبَصَرِ مِنْ الْعَيْنَيْنِ مَعَ بَقَاءِ الْحَدَقَتَيْنِ كَمَالُ الدِّيَةِ (أَوْ الشَّمِّ) ابْنُ عَرَفَةَ: فِي الْأَنْفِ الدِّيَةُ كَامِلَةً. وَأَمَّا الشَّمُّ فَقَالَ أَبُو الْفَرَجِ: فِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةٌ.
وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ فِيهِ حُكُومَةٌ (أَوْ النُّطْقِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إذَا قُطِعَ اللِّسَانُ مِنْ أَصْلِهِ فَفِيهِ الدِّيَةُ كَامِلَةً، وَكَذَلِكَ إنْ قُطِعَ مِنْهُ مَا مَنَعَ الْكَلَامَ، وَإِنْ لَمْ يَمْنَعْ مِنْ الْكَلَامِ شَيْئًا فَفِيهِ الِاجْتِهَادُ بِقَدْرِ شَيْنِهِ إنْ شَانَهُ وَإِنَّمَا الدِّيَةُ فِي الْكَلَامِ فِي اللِّسَانِ كَالْأُذُنَيْنِ إنَّمَا الدِّيَةُ فِي السَّمْعِ لَا فِيهِمَا (أَوْ الصَّوْتِ) ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِي الصَّوْتِ الدِّيَةُ (أَوْ الذَّوْقِ) اللَّخْمِيِّ: وَفِي الذَّوْقِ الدِّيَةُ قِيَاسًا عَلَى الشَّمِّ وَنَقَلَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ (أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ) ابْنُ عَرَفَةَ: إذْهَابُ الْجِمَاعِ فِيهِ الدِّيَةُ.
قَالَهُ ابْنُ زَرْقُونٍ: عَنْ الْمَذْهَبِ (وَنَسْلِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: ذَهَابُ النَّسْلِ قَالَ اللَّخْمِيِّ: فِيهِ الدِّيَةُ (أَوْ تَجْذِيمِهِ أَوْ تَبْرِيصِهِ أَوْ تَسْوِيدِهِ) اللَّخْمِيِّ: تَجِبُ الدِّيَةُ إذَا أَجْذَمَهُ أَوْ أَبْرَصَهُ أَوْ سَقَاهُ مَا يُسَوِّدُ جِسْمَهُ أَوْ وَجْهَهُ (أَوْ قِيَامِهِ وَجُلُوسِهِ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ ضَرَبَ صُلْبَهُ فَبَطَلَ قِيَامُهُ وَجُلُوسُهُ وَجَبَ كَمَالُ الدِّيَةِ، وَإِنْ بَطَلَ قِيَامُهُ فَقَطْ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ فِيهِ كَمَالَ الدِّيَةِ.
(أَوْ الْأُذُنَيْنِ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَرَّرَ عِنْدَ قَوْلِهِ: " أَوْ السَّمْعِ ".
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: النَّوْعُ الثَّانِي الْقَطْعُ الْمُبَيِّنُ لِلْأَعْضَاءِ وَذَوَاتُ الدِّيَةِ مِنْ الْأَعْضَاءِ اثْنَا عَشَرَ: الْأَوَّلُ الْأُذُنَانِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ الدِّيَةِ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى لَيْسَ فِيهَا سِوَى حُكُومَةٍ. ابْنُ عَرَفَةَ: ثَالِثُ الْأَقْوَالِ، فِي الْأُذُنَيْنِ حُكُومَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute