للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النِّسَاءُ وَالصِّبْيَانُ فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُرْمَوْا بِالْمَجَانِيقِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُغَرَّقُوا وَلَا أَنْ يُحَرَّقُوا. اُنْظُرْ قَبْلَ قَوْلِهِ: " وَبِنَارٍ " (وَإِنْ تَتَرَّسُوا بِذُرِّيَّةٍ تُرِكُوا إلَّا لِخَوْفٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: إنْ اتَّقَى الْمُحَارِبُونَ بِالذُّرِّيَّةِ تَرَكْنَاهُمْ إلَّا أَنْ يُخَافَ مِنْ تَرْكِهِمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَنُقَاتِلُهُمْ وَإِنْ اتَّقُوا بِالذُّرِّيَّةِ (وَبِمُسْلِمٍ لَمْ يُقْصَدْ التُّرْسُ إنْ لَمْ يَخَفْ عَلَى أَكْثَرِ الْمُسْلِمِينَ) ابْنُ شَاسٍ: لَوْ تَتَرَّسَ كَافِرٌ بِمُسْلِمٍ لَمْ يُقْصَدْ التُّرْسَ وَلَوْ خِفْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا فَإِنَّ دَمَ الْمُسْلِمِ لَا يُسْتَبَاحُ بِالْخَوْفِ وَلَوْ تَتَرَّسُوا بِالصَّفِّ، وَإِنْ تُرِكُوا انْهَزَمَ الْمُسْلِمُونَ وَخِيفَ اسْتِئْصَالُ قَاعِدَةِ الْإِسْلَامِ وَجُمْهُورِ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الْقُوَّةِ مِنْهُمْ وَجَبَ الدَّفْعُ وَسَقَطَتْ حُرْمَةُ التُّرْسِ انْتَهَى.

(وَحَرُمَ نَبْلٌ سُمَّ) كَرِهَ مَالِكٌ أَنْ يُقَاتَلَ الْعَدُوُّ بِالنَّبْلِ الْمَسْمُومِ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ ذَلِكَ قَدْ يُعَادُ إلَيْنَا. وَكَرِهَ سَحْنُونَ جَعْلَ السُّمِّ فِي قِلَالِ خَمْرٍ لِيَشْرَبَهَا الْعَدُوُّ.

[حُكْمُ الِاسْتِعَانَة بِالْمُشْرِكِينَ]

(وَاسْتِعَانَةٌ بِمُشْرِكٍ لَا لِكَخِدْمَةٍ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يُسْتَعَانُ بِالْمُشْرِكِينَ فِي الْقِتَالِ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» . وَلَا بَأْسَ أَنْ يَكُونُوا نَوَاتِيَةً وَخَدَمَةً. ابْنُ رُشْدٍ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَعَارَ مِنْهُمْ السِّلَاحُ انْتَهَى. اُنْظُرْ إنْ كَانَ هَذَا مَأْخُوذًا مِنْ الْحَدِيثِ وَفِيهِ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودٍ قَاتِلُوا مَعَنَا أَوْ أَعِيرُونَا سِلَاحَكُمْ» وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: حَدِيثُ: «لَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» مُخْتَلَفٌ فِي إسْنَادِهِ.

وَقَالَ عِيَاضٌ: قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: إنَّمَا كَانَ النَّهْيُ فِي وَقْتٍ خَاصٍّ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَالثَّوْرِيُّ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَالْأَوْزَاعِيُّ: لَا بَأْسَ بِالِاسْتِعَانَةِ بِأَهْلِ الشِّرْكِ. وَأَجَازَ ابْنُ حَبِيبٍ أَنْ يَقُومَ الْإِمَامُ بِمَنْ سَالَمَهُ مِنْ الْحَرْبِيِّينَ عَلَى مَنْ لَمْ يُسَالِمْهُ. وَرَوَى أَبُو الْفَرَجِ عَنْ مَالِكٍ: لَا بَأْسَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَعِينَ بِالْمُشْرِكِينَ فِي قِتَالِ الْمُشْرِكِينَ إذَا احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ. أَبُو عَمْرٍو: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ اسْتِعَانَتُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِيَهُودٍ لِضَرُورَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ لَا أُحِبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُمْ فِي الْغَزْوِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُمْ إنْ لَمْ يَسْتَأْذِنُوهُ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِمْ أَنْ يَمْنَعَهُمْ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ غَزْوُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حُنَيْنًا وَالطَّائِفَ، فَإِنْ غَزَوْا بِإِذْنِ الْإِمَامِ

<<  <  ج: ص:  >  >>