فِي جَوَازِ الْعَجِينِ بِالدَّقِيقِ رِوَايَتَانِ، وَتَقَدَّمَ كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ عِنْدَ قَوْلِهِ " وَالْعَجْنُ " (وَجَازَ قَمْحٌ بِدَقِيقٍ وَهَلْ إنْ وُزِنَا؟ تَرَدُّدٌ) تَقَدَّمَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَالطَّحْنُ ".
(وَاعْتُبِرَتْ الْمُمَاثَلَةُ بِمِعْيَارِ الشَّرْعِ) الْبَاجِيُّ: بِمَاذَا يَكُونُ التَّمَاثُلُ؟ أَمَّا فِي الْحُبُوبِ فَبِالْكَيْلِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِعْيَارُهَا فِي الشَّرْعِ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ذَكَرَ الْأَوْسَاقَ فِي زَكَاةِ التَّمْرِ، وَحُكْمُ الْحُبُوبِ حُكْمُهَا فِي اعْتِبَارِ نَصْبِ الزَّكَاةِ وَفِي إخْرَاجِ زَكَاةِ الْفِطْرِ، فَلَا يَجُوزُ عَلَى هَذَا شَيْءٌ مِنْ الْحُبُوبِ بِجِنْسِهِ بِغَيْرِ الْكَيْلِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ رُشْدٍ فِي الزَّيْتُونِ أَنَّ مِعْيَارَهَا الْكَيْلُ. وَقَوْلُ سَحْنُونَ أَنَّ الدَّقِيقَ كَذَلِكَ. وَانْظُرْ الْمَذْهَبَ تَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ تَقْدِيرُ النِّصَابِ مِنْهَا بِمُقْتَضَى كَلَامِ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ عَرَفَةَ أَنَّهُ بِالْوَزْنِ (وَإِلَّا فَبِالْعَادَةِ) الْبَاجِيُّ: أَمَّا مَا لَا مِقْدَارَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فَإِنْ كَانَ لَهُ مِقْدَارٌ مُعْتَادٌ مِنْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ وَلَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْبِلَادِ كَاللَّحْمِ وَالْجُبْنِ الَّذِي يُعْتَبَرُ فِي كُلِّ بَلَدٍ فَلَا يَجُوزُ التَّسَاوِي فِيهِ بِمِقْدَارِ غَيْرِهِ، وَكَذَلِكَ مَا يُعْتَبَرُ بِالْكَيْلِ فِي كُلِّ بَلَدٍ. وَانْظُرْ مَا يَخْتَلِفُ تَقْدِيرُهُ بِاخْتِلَافِ عَادَةِ الْبِلَادِ كَالسَّمْنِ وَاللَّبَنِ وَالزَّيْتِ وَالْعَسَلِ، عَادَةُ بَعْضِ الْبِلَادِ فِيهِ الْوَزْنُ وَبَعْضِهَا الْكَيْلُ انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: مَا اخْتَلَفَ فِيهِ الْبِلَادُ قُدِّرَ بِعَادَةِ بَلَدِهِ وَلَا يَنْتَقِلُ عَنْهَا إلَّا أَنْ تُعْلَمَ نِسْبَةُ الْمُنْتَقِلِ إلَيْهِ مِنْ الْجَارِي فِي الْعَوَائِدِ، وَفِي الرُّجُوعِ إلَى التَّحَرِّي فِي الْبَيْضِ قَوْلَانِ. ابْنُ عَرَفَةَ: فِي مُقَابَلَةِ التَّحَرِّي عِنْدَ وَزْنِهِ وَالْوَقْفِ الَّذِي تَقَدَّمَ لِلْبَاجِيِّ نَظَرٌ، وَظَاهِرُ رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْوَزْنُ انْتَهَى. اُنْظُرْ هَلْ يَكُونُ عَلَى هَذَا قِشْرُ الْبَيْضِ وَقِشْرُ الْجَوْزِ وَاللَّوْزِ بِمَنْزِلَةِ نَوَى التَّمْرِ؟ اُنْظُرْ قَبْلُ قَوْلَهُ " وَذُو زَيْتٍ ".
(فَإِنْ عَسُرَ الْوَزْنُ جَازَ التَّحَرِّي لَا إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى تَحَرِّيهِ لِكَثْرَتِهِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ صُبْرَةُ قَمْحٍ بِصُبْرَةِ شَعِيرٍ إلَّا كَيْلًا مِثْلًا بِمِثْلٍ وَلَا يَجُوزُ تَحَرِّيًا، يُرِيدُ وَكَذَلِكَ مَا أَصْلُهُ الْكَيْلُ لَا يَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي إذْ لَا يُفْقَدُ الْكَيْلُ وَلَوْ بِالْحَفْنَةِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ: وَأَمَّا مَا أَصْلُهُ الْوَزْنُ فَيَجُوزُ فِيهِ التَّحَرِّي مِثْلُ اللَّحْمِ وَالْخُبْزِ وَالْبَيْضِ يَجُوزُ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ تَحَرِّيًا.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَذَلِكَ إذَا بَلَغَهُ التَّحَرِّي وَلَمْ يَكْثُرْ حَتَّى لَا يُسْتَطَاعَ تَحَرِّيهِ. ابْنُ يُونُسَ: وَذَلِكَ. إذَا لَمْ يَحْضُرْهُمَا مِيزَانٌ يُؤَيِّدُ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِيمَا يُكَالُ إذْ لَا يُفْقَدُ الْكَيْلُ وَلَوْ بِالْحَفْنَةِ. ابْنُ رُشْدٍ: ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ جَوَازُ التَّحَرِّي فِي الْمَوْزُونِ وَلَوْ لَمْ تَدْعُ لَهُ ضَرُورَةٌ. ثُمَّ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَكُلُّ صِنْفٍ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ يَجُوزُ فِيهِ التَّفَاضُلُ بِصِنْفِهِ فَلَا بَأْسَ بِقِسْمَتِهِ عَلَى التَّحَرِّي كَانَ مِمَّا يُكَالُ أَوْ يُوزَنُ أَمْ لَا. ابْنُ عَبْدُوسٍ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute