للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي خِلَالِهِ، وَقَدْ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِيمَا هُوَ أَيْسَرُ مِنْ هَذَا فِيمَنْ حَالَتْ نِيَّتُهُ إلَى نَافِلَةٍ وَهُوَ فِي فَرِيضَةٍ.

وَهَذَا عَلَى أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ سَهْوًا، فَأَمَّا الْعَابِثُ الْعَامِدُ فَلَا خِلَافَ فِيهِ أَنْ يُفْسِدَ عَلَى نَفْسِهِ. قَالَ ابْنُ يُونُسَ: قَوْلُ أَشْهَبَ لَا كَفَّارَةَ عَلَى مَنْ نَوَى الْفِطْرَ لَعَلَّهُ يُرِيدُ إذَا كَانَ تَقَدَّمَتْ لَهُ نِيَّةُ الصَّوْمِ ثُمَّ نَوَى الْفِطْرَ فَهَذَا لَا تَرْتَفِضُ النِّيَّةُ الْأُولَى عَنْهُ إلَّا بِالْفِعْلِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: اُخْتُلِفَ فِي وُقُوعِ الْفِطْرِ بِالنِّيَّةِ إذَا كَانَتْ النِّيَّةُ بَعْدَ انْعِقَادِ الصَّوْمِ وَصِحَّتِهِ، فَجَعَلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مُفْطِرًا وَهُوَ أَحْسَنُ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ لَا يَكُونُ قُرْبَةً لِلَّهِ إلَّا بِالنِّيَّةِ، فَإِذَا أَحْدَثَ هَذَا نِيَّةً أَنَّهُ لَا يُمْسِكُ بَقِيَّةَ يَوْمِهِ لِلَّهِ لَمْ يَكُنْ مُطِيعًا وَلَا مُتَقَرِّبًا وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ صَلَّى مِنْ الْفَرِيضَةِ رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ نَوَى أَنْ يُتِمَّهَا عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُتَقَرِّبٍ لِلَّهِ بِمَا بَقِيَ مِنْ عَمَلِ تِلْكَ الصَّلَاةِ وَهُوَ ذَاكِرٌ غَيْرُ نَاسٍ لِمَا دَخَلَ فِيهِ، أَوْ غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ بِنِيَّةِ الطَّهَارَةِ ثُمَّ أَتَمَّ ذَلِكَ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّدِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ نَوَى أَنْ يُفْطِرَ بِالْفِعْلِ بِالْأَكْلِ أَوْ الشُّرْبِ أَوْ غَيْرِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ وَأَتَمَّ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ، وَلَيْسَ كَالْأَوَّلِ لِأَنَّ الْأَوَّلَ نَوَى أَنْ يَكُونَ فِي إمْسَاكِهِ غَيْرَ مُتَقَرِّبٍ لِلَّهِ، وَهَذَا نَوَى أَنْ يَفْعَلَ شَيْئًا يُفْطِرُ بِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ وَبَقِيَ عَلَى نِيَّةٍ الْقُرْبَةِ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُصِيبَ أَهْلَهُ فَلَمْ يَفْعَلْ فَهُوَ بَاقٍ عَلَى طَهَارَتِهِ.

(أَوْ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا بِفَمٍ فَقَطْ) . ابْنُ عَرَفَةَ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ فِي إفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ انْتِهَاكًا لَهُ بِمَا يَصِلُ إلَى الْجَوْفِ أَوْ الْمَعِدَةِ مِنْ الْفَمِ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا خِلَافَ فِي سُقُوطِ الْكَفَّارَةِ فِي الْوَاصِلِ إلَى الْمَعِدَةِ أَوْ الْحَلْقِ مِنْ غَيْرِ الْفَمِ خِلَافًا لِأَبِي مُصْعَبٍ ظَنَّ أَنَّ الشَّرِيعَةَ عَلَّقَتْ الْكَفَّارَةَ بِوُصُولِ شَيْءٍ إلَى الْمَعِدَةِ مَعَ الْقَصْدِ وَالْعَمْدِ.

(وَإِنْ بِاسْتِيَاكٍ بِجَوْزَاءَ) ابْنُ حَبِيبٍ: مَنْ جَهِلَ أَنْ يَمُجَّ مَا تَجَمَّعَ فِي فِيهِ مِنْ السِّوَاكِ الرَّطْبِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. الْبَاجِيُّ: فِي هَذَا نَظَرٌ لِأَنَّهُ يُغَيِّرُ الرِّيقَ وَمَا كَانَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ فَفِي عَمْدِهِ الْكَفَّارَةُ، وَفِي التَّأْوِيلِ وَالنِّسْيَانِ الْقَضَاءُ فَقَطْ انْتَهَى. اُنْظُرْ أَغْرَبَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ حَبِيبٍ مَا فِي نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّ مَنْ اسْتَاكَ بِالسِّوَاكِ الْمُتَّخَذِ مِنْ أُصُولِ الْجَوْزِ لَيْلًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

وَفِي الذَّخِيرَةِ: مَنْ اكْتَحَلَ لَيْلًا لَا يَضُرُّهُ هُبُوطُ الْكُحْلِ فِي مَعِدَتِهِ نَهَارًا.

(أَوْ مَنِيًّا) تَقَدَّمَ نَصُّ ابْنِ عَرَفَةَ: تَجِبُ الْكَفَّارَةُ بِمُوجِبِ الْغُسْلِ وَطْئًا وَإِنْزَالًا. وَتَقَدَّمَ نَصُّ اللَّخْمِيِّ: الْإِنْزَالُ بِاحْتِلَامٍ أَوْ مُلَاعَبَةٍ مُوجِبٌ لِلْغُسْلِ وَبِالنِّسْبَةِ لِلصِّيَامِ بَيْنَهُمَا فَرْقٌ.

(وَإِنْ بِإِدَامَةِ فِكْرٍ) ابْنُ بَشِيرٍ: مَنْ فَكَّرَ فَالْتَذَّ بِقَلْبِهِ فَلَا حُكْمَ لِلَّذَّةِ، فَإِنْ أَنْعَظَ فَكَذَلِكَ، فَإِنْ أَمَذَى نَظَرْت هَلْ اسْتَدَامَ أَوْ لَمْ يَسْتَدِمْ، فَإِنْ اسْتَدَامَ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَمَذَى قَصْدًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَدِمْ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>