(وَهُوَ الْأَفْضَلُ) .
ابْنُ يُونُسَ: اسْتَحَبَّ مَالِكٌ الْإِطْعَامَ عَلَى الْعِتْقِ وَالصِّيَامِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ نَفْعًا. ابْنُ عَرَفَةَ: بَادَرَ يَحْيَى بْنُ يَحْيَى الْأَمِيرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ حِينَ سَأَلَ الْفُقَهَاءَ عَنْ وَطْئِهِ جَارِيَةً لَهُ فِي رَمَضَانَ لِكَفَّارَتِهِ بِصَوْمِهِ فَسَكَتَ حَاضِرُوهُ ثُمَّ سَأَلُوهُ لِمَ لَمْ يُخَيِّرْ فِي أَحَدِ الثَّلَاثَةِ؟ فَقَالَ: لَوْ خَيَّرْتُهُ وَطِئَ كُلَّ يَوْمٍ وَأَعْتَقَ فَلَمْ يُنْكِرُوا. وَتَعَقَّبْ هَذَا فَخْرُ الدِّينِ بِأَنَّهُ مِمَّا ظَهَرَ مِنْ الشَّرْعِ إلْغَاؤُهُ وَقَدْ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ عَلَى إبْطَالِهِ.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَأَوَّلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْمُفْتِيَ بِذَلِكَ رَأَى أَنَّ الْأَمِيرَ فَقِيرٌ وَمَا بِيَدِهِ إنَّمَا هُوَ لِلْمُسْلِمِينَ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا يُرَدُّ هَذَا بِتَعْلِيلِ الْمُفْتِي بِمَا ذُكِرَ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِيهِ وَالتَّصْرِيحُ بِهِ مُوحِشٌ. اُنْظُرْ قَدْ نَقَلَ عِيَاضٌ أَنَّ الرَّشِيدَ حَنِثَ فِي يَمِينٍ. فَقَالَ لَهُ غَيْرُ مَالِكٍ: عَلَيْكَ عِتْقُ رَقَبَةٍ. فَقَالَ لَهُ مَالِكٌ: عَلَيْك صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.
فَقَالَ الرَّشِيدُ: قَدْ قَالَ اللَّهُ: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ} [البقرة: ١٩٦] فَأَقَمْتنِي مُقَامَ الْمُعْدِمِ. قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ كُلُّ مَا فِي يَدِك لَيْسَ لَكَ، عَلَيْكَ صِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ. (أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ أَوْ عِتْقِ رَقَبَةٍ) فِي الْمُوَطَّأِ: «أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلًا أَفْطَرَ فِي رَمَضَانَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ بِصِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا» (كَالظِّهَارِ) . الْبَاجِيُّ: مُقْتَضَى الْحَدِيثِ التَّخْيِيرُ بِخِلَافِ الظِّهَارِ فَالْكَفَّارَةُ فِيهِ وَاجِبٌ تَرْتِيبُهَا إلَّا أَنَّ مَالِكًا اسْتَحَبَّ الْإِطْعَامَ فِي كَفَّارَةِ الصِّيَامِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ هِيَ إطْعَامُ سِتِّينَ مُدًّا مُدًّا كَالظِّهَارِ، مُوهِمٌ أَنَّهَا بِالْمُدِّ الْهَاشِمِيِّ: فَمُدُّ الظِّهَارِ غَيْرُ مُدِّ كَفَّارَةِ الصِّيَامِ.
وَقَالَ ابْنُ شَاسٍ: لَا يُجْزِئُ مِنْ الْعِتْقِ فِي الظِّهَارِ إلَّا مَا يُجْزِئُ فِي الصِّيَامِ مِنْ كَوْنِ الرَّقَبَةِ كَامِلَةً غَيْرَ مُلَفَّقَةٍ سَلِيمَةً مُحَرَّرَةً
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute