للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِلشَّافِعِيِّ.

(وَتَتَابُعُهُ فِي مُطْلَقِهِ) ابْنُ شَاسٍ: إنْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرًا أَلْزَمَهُ التَّتَابُعُ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ وَيَكْفِيهِ شَهْرٌ بِالْأَهِلَّةِ (وَمَنْوِيُّهُ حِينَ دُخُولِهِ) فِي الْمَجْمُوعَةِ: لَهُ أَنْ يَتْرُكَ مَا نَوَى قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ. ابْنُ الْحَاجِبِ: فَإِذَا دَخَلَ وَجَبَ الْمَنْوِيُّ بِخِلَافِ الْجِوَارِ لَا يَجِبُ إلَّا بِاللَّفْظِ. ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا كَانَ يَلْزَمُهُ مَا نَوَى مِنْ الِاعْتِكَافِ بِالدُّخُولِ فِيهِ بِخِلَافِ مَنْ نَوَى صَوْمًا مُتَتَابِعًا فَلَا يَلْزَمُهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ إلَّا الْيَوْمُ الْأَوَّلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ سَوَاءٌ فَهُوَ كَالْيَوْمِ الْوَاحِدِ، وَصَوْمُ الْأَيَّامِ الْمُتَتَابِعَةِ يَتَخَلَّلُهَا اللَّيْلُ فَصَارَ فَاصِلًا بَيْنَ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يُشْبِهُ الصَّوْمُ جِوَارَ مَكَّةَ الَّذِي يَنْقَلِبُ فِيهِ فِي اللَّيْلِ إلَى مَنْزِلِهِ لِكَوْنِ اللَّيْلِ فَاصِلًا.

وَحُكِيَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ فِي هَذَا الْجِوَارِ شَيْءٌ وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ إذْ لَا صَوْمَ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمَّا نَوَى أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ وَالذِّكْرُ يَتَبَعَّضُ فَمَا ذَكَرَ فِيهِ يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ عِبَادَةً، وَكَذَلِكَ لَوْ نَوَى قِرَاءَةً مَعْلُومَةً فَلَا يَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا نَوَى وَلَوْ دَخَلَ فِيهِ لِأَنَّ مَا فِيهِ يُثَابُ عَلَيْهِ بِخِلَافِ (كَمُطْلَقِ الْجِوَارِ) الَّذِي لِابْنِ رُشْدٍ الِاعْتِكَافُ يَجِبُ إمَّا بِالنَّذْرِ إمَّا بِالنِّيَّةِ مَعَ الدُّخُولِ فِيهِ لِاتِّصَالِ عَمَلِهِ، وَكَذَلِكَ الْجِوَارُ إذَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ الصِّيَامَ انْتَهَى.

وَإِنْ لَمْ يَجْعَلْ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ الصِّيَامَ وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُجَاوِرَ كَجِوَارِ مَكَّةَ بِغَيْرِ صِيَامٍ فَلَا يَلْزَمُهُ بِالنِّيَّةِ مَعَ الدُّخُولِ فِيهِ مَا نَوَى مِنْ الْأَيَّامِ اهـ. فَذَكَرَ أَنَّ مُطْلَقَ الْجِوَارِ لَا يَكُونُ كَالِاعْتِكَافِ إلَّا إذَا جَعَلَ عَلَى نَفْسِهِ فِيهِ الصِّيَامَ قَالَ: وَاخْتُلِفَ هَلْ يَلْزَمُهُ مُجَاوَرَةُ الْيَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ وَلَهُ أَنْ يَخْرُجَ مَتَى شَاءَ مِنْ يَوْمِهِ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَتَشَبَّثْ بِعَمَلٍ يُبْطِلُ عَلَيْهِ بِقَطْعِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَجِوَارُ مَكَّةَ أَمْرٌ يَتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ مِثْلُ الرِّبَاطِ.

وَمَنْ نَذَرَ جِوَارَ مَسْجِدٍ مِثْلَ جِوَارِ مَكَّةَ لَزِمَهُ فِي أَيِّ الْبِلَادِ كَانَ إذَا كَانَ سَاكِنًا بِذَلِكَ الْبَلَدِ.

قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَصُومَ بِسَاحِلٍ مِنْ السَّوَاحِلِ كَالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ أَوْ بِمَوْضِعٍ يَتَقَرَّبُ بِإِتْيَانِهِ إلَى اللَّهِ مِثْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ لَزِمَهُ الصَّوْمُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِيلِيَاءَ.

قَالَ فِي الْمُسْتَخْرَجَةِ: وَأَمَّا إنْ نَذَرَ ذَلِكَ فِي مِثْلِ الْعِرَاقِ وَشَبَهِهَا فَلَا يَأْتِيهَا وَيَصُومُ ذَلِكَ بِمَكَانِهِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرِ فِي مَسْجِدِ الْفُسْطَاطِ فَاعْتَكَفَ بِمَكَّةَ أَجْزَأَهُ وَلَا يَخْرُجُ إلَى مَسْجِدِ الْفُسْطَاطِ وَيَعْتَكِفُ بِمَوْضِعِهِ، وَلَا يَجِبُ الْخُرُوجُ إلَّا إلَى مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَإِيلِيَاءَ، وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ بِمَسْجِدِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلْيَأْتِهِ لِلْحَدِيثِ الَّذِي جَاءَ قَالَ: وَهَذَا لَمَّا نَذَرَ الِاعْتِكَافَ فِيهِ فَقَدْ نَذَرَ أَنْ يَأْتِيَهُ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ لَوْ نَذَرَ ذَلِكَ بِمَسْجِدِ مَكَّةَ أَوْ مَسْجِدِ إيلِيَاءَ فَلْيَأْتِهِمَا لِذَلِكَ وَلَا يُجْزِيهِ فِي غَيْرِهِمَا.

قَالَ ابْنُ يُونُسَ: وَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا بِسَاحِلٍ مِنْ السَّوَاحِلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>