عَلَى حَجِّ عَامٍ بِعَيْنِهِ فَصَدَّهُ عَدُوٌّ كَانَ لَهُ مِنْ الْأَجْرِ بِقَدْرِ مَا بَلَغَ (وَالْبَقَاءُ لِقَابِلٍ) تَقَدَّمَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ: إنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ عَلَى حَجَّةٍ مَضْمُونَةٍ فَصَدَّهُ عَدُوٌّ حَلَّ وَصَبَرَ لِقَابِلٍ إنْ كَانَ لَا يَشُقُّ عَلَيْهِ الصَّبْرُ وَإِلَّا فَهُوَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ صَبَرَ لِقَابِلٍ وَإِنْ شَاءَ فَسَخَ.
فَانْظُرْ أَنْتَ إنْ كَانَ خَلِيلٌ عَنَى هَذَا أَوْ يَكُونُ لَا فَرْقَ عِنْدَهُ بَيْنَ مَضْمُونِهِ وَالْمُعَيَّنَةُ وَهِيَ طَرِيقَةُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ السُّنَّةَ لَا تَتَعَيَّنُ كَإِجَارَةٍ عَلَى سَوْقِ قُلَّةِ مَاءِ الْيَوْمِ إنْ لَمْ يَسْقِهَا وَجَبَ خَلَفُ مَاءٍ بِالْغَدِ.
وَقَالَ خَلِيلٌ فِي مَنَاسِكِهِ: وَلَوْ صُدَّ الْأَجِيرُ أَوْ مَاتَ سَوَاءٌ عَلَى الضَّمَانِ وَعَلَى الْبَلَاغِ فَفِي الضَّمَانِ لَهُ بِحِسَابِ مَا سَارَ بِقَدْرِ صُعُوبَةِ الطَّرِيقِ وَسُهُولَتِهَا وَأَمْنِهَا وَخَوْفِهَا لَا بِمُجَرَّدِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ. فَقَدْ يَكُونُ رُبْعُهَا يُسَاوِي ثُلُثَ الْكِرَاءِ. وَفِي الْبَلَاغِ يَرُدُّ مَا فَضَلَ ثُمَّ يَسْتَأْجِرُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ. إنْ أَمْكَنَ لِأَنَّهُ قَدْ حَصَلَتْ النِّيَابَةُ إلَيْهِ. فَإِنْ أَرَادَ بَقَاءَ إجَارَتِهِ إلَى الْعَامِ الْمُقْبِلِ جَازَ فِي الْبَلَاغِ.
أَمَّا إجَارَتُهُ فِي الْبَلَاغِ فَلِأَنَّ مَا أَخَذَهُ الْأَجِيرُ فِيهَا لَيْسَ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ. وَفِي جَوَازِهِ فِي الْمَضْمُونَةِ قَوْلَانِ لِلْمُتَأَخِّرِينَ. فَمَنْ رَأَى لَمَّا تَعَذَّرَ الْحَجُّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَصَارَ لَهُ دَيْنٌ لَمْ يَجُزْ لَهُ التَّأْخِيرُ لِأَنَّ فِيهِ فَسْخَ دَيْنٍ فِي مَنَافِعَ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهَا، وَمَنْ رَأَى أَنَّ هَذِهِ الْإِجَارَةَ أَخَفُّ مِنْ غَيْرِهَا وَأَنَّ الْمَقْصُودَ الْحَجُّ أَجَازَ، وَمَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute