للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لَمْ يُؤْكَلْ مَا صَادَ إلَّا أَنْ يُدْرِكَ ذَكَاتَهُ فَيُذَكِّيهِ.

(بِإِرْسَالٍ مِنْ يَدِهِ) فِيهَا لِمَالِكٍ: وَإِذَا أَثَارَ الرَّجُلُ صَيْدًا فَأَشْلَى عَلَيْهِ كَلْبَهُ وَهُوَ مُطْلَقٌ فَانْشَلَى عَلَيْهِ وَصَادَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُرْسِلَهُ مِنْ يَدِهِ فَلْيَأْكُلْ مَا صَادَهُ. ثُمَّ رَجَعَ مَالِكٌ فَقَالَ: لَا يُؤْكَلُ حَتَّى يُطْلِقَهُ مِنْ يَدِهِ مُرْسِلًا لَهُ مُشْلِيًا، وَبِالْأَوَّلِ أَخَذَ ابْنُ الْقَاسِمِ.

وَفِيهَا لِمَالِكٍ: وَلَوْ ابْتَدَأَ الْكَلْبُ طَلَبَهُ أَوْ أَفْلَتَهُ مِنْ يَدِهِ مُرْسَلًا ثُمَّ أَشْلَاهُ رَبُّهُ بَعْدَ ذَلِكَ فَأَخَذَ الصَّيْدَ فَقَتَلَهُ لَمْ يُؤْكَلْ إلَّا أَنْ يُدْرِكَ ذَكَاتَهُ قَبْلَ إنْفَاذِ مَقَاتِلِهِ، لِأَنَّ الْكَلْبَ خَرِجَ مِنْ غَيْرِ إرْسَالٍ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ الْإِرْسَالَ شَرْطٌ فِي جَوَازِ الْأَكْلِ، وَلِأَنَّ مِنْ شَرْطِ الذَّكَاةِ النِّيَّةَ فَإِرْسَالُ الْكَلْبِ كَنِيَّةِ الذَّابِحِ.

الْبَاجِيُّ: إذَا انْشَلَى الْكَلْبُ بِنَفْسِهِ عَلَى الصَّيْدِ ثُمَّ أَعَانَهُ الصَّائِدُ بِالْإِشْلَاءِ فَفِي الْمُدَوَّنَةِ لَا يُؤْكَلُ، وَرَوَى ابْنُ الْقَصَّارِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ يُؤْكَلُ. وَوَجَّهَهُ أَنَّهُ بِإِشْلَائِهِ تَمَادَى فَوَجَبَ أَنْ يَطْرَحَ مَا كَانَ مِنْ جَرْيِهِ قَبْلَ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَبِهَذَا كَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ يُفْتِي وَيَنْقُلُ نَصَّ ابْنِ رُشْدٍ فِي مُخْتَصَرِهِ الْمَبْسُوطِ لِيَحْيَى قَالَ: وَكَيْفَ يُبْتَغَى الصَّيْدُ إلَّا هَكَذَا.

يُخْرِجُ كِلَابَهُ مَعَهُ فَإِذَا بَلَغَ مَوْضِعَ الصَّيْدِ وَمَظَانَّهُ أَرْسَلَهَا فِيهِ لِلطَّلَبِ وَتَدْخُلُ الْغِيَاضَ وَالشَّجَرَ وَهُوَ فِي ذَلِكَ يُشْلِيهَا وَيَحُضُّهَا أَوْ يَأْمُرُهَا، فَإِذَا أَثَارَتْ الصَّيْدَ أَشْلَاهَا عَلَيْهِ فَطَلَبَتْهُ. فَإِنْ قُلْتَ: طَابَ أَكْلُهُ وَحَلَّ وَهَذَا نَاحِيَةُ قَوْلِ مَالِكٍ عِنْدَنَا وَتَأْوِيلُهُ وَاَلَّذِي نَأْخُذُ بِهِ وَنَرَاهُ، وَهَذَا إذَا أَخْرَجَهَا مِنْ يَدِهِ عَلَى الْإِشْلَاءِ وَالطَّلَبِ فِي مَظَانِّهِ.

وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: أَجَازَ أَصْبَغُ كُلَّ مَا يَبْتَدِئُ الْكَلْبُ طَلَبَهُ إذَا اتَّبَعَ رَبَّهُ بِالْإِشْلَاءِ وَالتَّحْرِيضِ وَالتَّسْمِيَةِ. وَصَدَرَتْ مِنِّي فُتْيَا بِأَنْ قُلْت: الَّذِي أَتَحَمَّلُ عُهْدَتَهُ فِي الْكَلْبِ إذَا أَنْفَذَ مَقَاتِلَ الصَّيْدِ أَنْ أَقُولَ لِصَاحِبِهِ: هَلْ رَأَيْتَ كَلْبَكَ حِينَ رَأَى هَذَا الصَّيْدَ وَصَوَّبَ إلَيْهِ وَدَعْ كُنْتَ أَنْتَ غَائِبًا عَنْ الصَّيْدِ. فَإِنْ قَالَ نَعَمْ قُلْتُ لَهُ: فَصِحْتَ أَنْتَ عَلَى الْكَلْبِ حِينَئِذٍ وَزِدْتَهُ إغْرَاءً وَسَمِعَكَ. فَإِنْ قَالَ نَعَمْ.

قُلْتُ: فَسَمَّيْتَ اللَّهَ حِينَئِذٍ لِأَنَّهُمْ نَصُّوا أَنَّ الْكَلْبَ إذَا أَرْسَلَهُ صَاحِبُهُ وَسَمَّى اللَّهَ فَشَمَّ كَلْبًا آخَرَ أَوْ جِيفَةً فِي طَرِيقِهِ أَنَّ هَذَا الْإِرْسَالَ قَدْ بَطَلَ وَيَحْتَاجُ لِإِرْسَالٍ آخَرَ وَتَسْمِيَةٍ أُخْرَى. فَإِنْ قَالَ لِي نَعَمْ، فَأَقُول لَهُ: هَذَا الصَّيْدُ ذَكِيٌّ وَدَعْكَ لَمْ تُرْسِلْ الْكَلْبَ مِنْ يَدِكَ وَلَا رَأَيْتَ الصَّيْدَ، فَإِنْ تَخَلَّفَ شَرْطٌ مِنْ هَذِهِ الشُّرُوطِ فَالصَّيْدُ غَيْرُ ذَكِيٍّ إلَّا التَّسْمِيَةَ سَهْوًا فَالْأَمْرُ فِيهَا قَرِيبٌ.

(بِلَا ظُهُورِ تَرْكٍ) فِيهَا: وَمَنْ أَرْسَلَ كَلْبَهُ أَوْ بَازَهُ عَلَى صَيْدٍ فَطَلَبَهُ سَاعَةً ثُمَّ رَجَعَ عَنْ الطَّلَبِ ثُمَّ عَادَ فَقَتَلَهُ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>