للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اشْتَرَكَا فِي شِرَاءِ شَاتَيْنِ لِلْأُضْحِيَّةِ فَيَقْتَسِمَانِهِمَا: فَإِنْ اسْتَوَيَا فِي السَّمَانَةِ فَلَا بَأْسَ وَإِنْ لَمْ يَسْتَوِيَا كَرِهْت ذَلِكَ لِآخِذِ الدَّنِيَّةِ إلَّا أَنَّهَا تُجْزِئُهُ. ابْنُ رُشْدٍ: الَّذِي يَنْبَغِي لَهُمَا ابْتِدَاءً أَنْ لَا يَتَقَاوَمَا إلَّا لِسِمَنٍ وَيَبِيعَا الْأَدْنَى وَيَشْتَرِي الَّذِي خَرَجَ عَنْ الْأَسْمَنِ مِنْ الَّذِي ضَحَّى بِهِ رَفِيقُهُ وَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ.

(وَجَازَ أَخْذُ الْعِوَضِ إنْ اخْتَلَطَتْ بَعْدَهُ عَلَى الْأَحْسَنِ) الَّذِي لِابْنِ يُونُسَ: إذَا اخْتَلَطَتْ أُضْحِيَتَا رَجُلَيْنِ بَعْدَ ذَبْحِهِمَا فَإِنَّهُمَا يُجَزِّئَانِهِمَا وَلَا يَأْكُلَانِ لَحْمَهُمَا وَلِيَتَصَدَّقَا بِهِ. ابْنُ يُونُسَ: إنَّمَا أَجْزَأْنَاهُمَا لِأَنَّهُمَا بِالذَّبْحِ وَجَبَتَا أُضْحِيَّةً فَلَا يَقْدَحُ اخْتِلَاطُهُمَا فِي الْإِجْزَاءِ، وَإِنَّمَا لَمْ يَأْكُلَا لَحْمَهُمَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ قَدْ يَأْكُلُ لَحْمَ شَاةِ صَاحِبِهِ فَيَصِيرُ بَيْعًا لِلَحْمِ أُضْحِيَّتِهِ بِلَحْمِ أُضْحِيَّةِ صَاحِبِهِ.

وَفَارَقَ ذَلِكَ اقْتِسَامَ الْوَرَثَةِ لِلَحْمِ أُضْحِيَّةٍ وَرِثُوهَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ وَرِثَ مِنْهَا جُزْءًا مَعْلُومًا ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا فَيَأْخُذُهُ مِنْهَا وَهُوَ تَمْيِيزُ حَقٍّ هَاهُنَا لَا بَيْعٌ انْتَهَى. فَيَظْهَرُ مِنْ خَلِيلٍ أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِالِاخْتِلَاطِ هَذَا وَإِنَّمَا عَنِيَ مَنْ تَلِفَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ عِنْدَ صَانِعٍ أَوْ غَاصِبٍ أَوْ مُتَعَدٍّ. فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ سُرِقَتْ رُءُوسُ أَضَاحِيِّهِ فِي الْفُرْنِ اُسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ لَا يُغَرِّمَهُ شَيْئًا وَكَأَنَّهُ رَآهُ بَيْعًا.

وَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغَ: لَهُ أَخْذُ الْقِيمَةِ وَيَصْنَعُ بِهَا مَا شَاءَ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَ ثَوْبَهُ فَغَصَبَهُ غَاصِبٌ أَنَّ لَهُ أَخْذَ قِيمَتِهِ، وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ اللَّحْمِ الْمُسْتَهْلَكِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ؟ انْتَهَى نَصُّ الْبَاجِيِّ.

وَقَالَ ابْنُ بَشِيرٍ: لَوْ اخْتَلَطَتْ أُضْحِيَّةٌ أَوْ جُزْءٌ مِنْهَا بِغَيْرِهَا فَفِي إبَاحَةِ أَخْذِ الْعِوَضِ قَوْلَانِ انْتَهَى. اُنْظُرْ قَوْلَ الْبَاجِيِّ: لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ اللَّحْمِ الْمُسْتَهْلَكِ مَا شَاءَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ حَيَوَانٍ وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي الْبَيْعِ.

وَحُكِيَ أَيْضًا عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ: مَنْ أَتْلَفَ لَك طَعَامًا لَا يُعْرَفُ كَيْلُهُ، فَإِنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى إتْلَافِهِ جَازَ أَنْ يَأْخُذَ بِقِيمَتِهِ طَعَامًا وَلَوْ غَابَ عَلَيْهِ اتَّهَمَ أَنَّهُ أَمْسَكَهُ وَدَفَعَ فِيهِ طَعَامًا، وَسَوَاءٌ تَلِفَ بِانْتِفَاعِ الْمُتَعَدِّي أَوْ غَيْرِهِ، وَكَانَ سَيِّدِي ابْنُ سِرَاجٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَقُولُ: عَلَى هَذَا إذَا تَبَدَّلَ لِلْإِنْسَانِ فِي الْفُرْنِ قِدْرٌ أَوْ خُبْزٌ لَا يَأْخُذُ عِوَضَهُ طَعَامًا وَلَا غُرْمَ قِيمَتِهِ حَتَّى يَتَحَقَّقَ أَنَّ خُبْزَهُ قَدْ أُكِلَ. قَالَ: وَيُمْكِنُ أَنْ تَكُونَ قَرِينَةُ الْحَالِ تَقُومُ مَقَامَ الْبَيِّنَةِ كَمِثْلِ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ بَعْدَ يَوْمٍ وَالْمَخْبِزُ دَيْنٌ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فَإِنْ كَانَ خُبْزًا وَأَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ عِوَضَهُ خُبْزَ صَاحِبِهِ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالْقِيمَةِ فَعَلَى مَا لِلْبَاجِيِّ لَا يَأْخُذُ مِنْ هَذَا الْخُبْزِ، إلَّا مَا لَا يَشُكُّ أَنَّهُ أَقَلُّ مِنْ خُبْزِهِ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ:

<<  <  ج: ص:  >  >>