(أَوْ نَوَى عَنْ نَفْسِهِ) ابْنُ عَرَفَةَ: لَوْ نَوَاهَا الْمَأْمُورُ عَنْ نَفْسِهِ فَسَمِعَ الْقَرِينَانِ تُجْزِئُ عَنْ رَبِّهَا وَصَوَّبَهُ ابْنُ رُشْدٍ فَإِنَّ الْمُعْتَبَرَ نِيَّةُ رَبِّهَا كَمَنْ أَمَرَ رَجُلًا يُوَضِّئُهُ فَالنِّيَّةُ فِي ذَلِكَ نِيَّةُ الْآمِرِ الْمُوَضَّأِ لَا نِيَّةُ الْمَأْمُورِ الْمُوَضِّئِ. وَرَدَّهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ.
وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: لَوْ أَمَرَ رَبُّهَا رَجُلًا يَذْبَحُهَا لَهُ فَذَبَحَهَا عَنْ نَفْسِهِ لَأَجْزَأَتْ عَنْ صَاحِبِهَا، وَقَدْ اشْتَرَى ابْنُ عُمَرَ شَاةً مِنْ رَاعٍ فَأَنْزَلَهَا مِنْ الْجَبَلِ وَأَمَرَهُ بِذَبْحِهَا فَذَبَحَهَا وَقَالَ الرَّاعِي: اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: رَبُّك أَعْلَمُ مِمَّنْ أَنْزَلَهَا مِنْ الْجَبَلِ اللَّخْمِيِّ: وَهَذَا أَحْسَنُ لِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الذَّابِحِ نِيَّةُ الذَّكَاةِ لَا غَيْرَ ذَلِكَ النِّيَّةِ فِي الْقُرْبَةِ إلَى رَبِّهَا.
(أَوْ بِعَادَةٍ كَقَرِيبٍ إلَّا فَتَرَدُّدٌ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَك بِغَيْرِ أَمْرِك فَأَمَّا وَلَدُك أَوْ بَعْضُ عِيَالِك فَمَنْ فَعَلَهُ لِيَكْفِيَك مُؤْنَتَهَا فَذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْك، وَأَمَّا غَيْرُ ذَلِكَ فَلَا يُجْزِئُك.
قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ إنْ ذَبَحَهَا صَدِيقُهُ إذَا وَثِقَ بِهِ أَنَّهُ ذَبَحَهَا عَنْهُ. انْتَهَى جَمِيعُ مَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ.
وَقَالَ الْبَاجِيُّ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِصَدِيقِهِ الَّذِي يَقُومُ بِأَمْرِهِ وَقَدْ فَوَّضَ إلَيْهِ أَمْرَهُ حَتَّى يُصَدِّقَهُ أَنَّهُ لَمْ يَذْبَحْهَا عَنْ نَفْسِهِ، وَإِنْ كَانَ أَرَادَ غَيْرَ الْمُفَوِّضِ إلَيْهِ وَإِنَّمَا ذَبَحَهَا عَنْهُ بِمُجَرَّدِ الصَّدَقَةِ فَالظَّاهِرُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّهُ مُتَعَدٍّ لَوْ شَاءَ أَنْ يَضْمَنَهُ ضَمَّنَهُ انْتَهَى. وَلِلَّخْمِيِّ أَيْضًا تَفْصِيلٌ آخَرُ اُنْظُرْهُ فِيهِ، وَلَوْلَا لَفْظُ خَلِيلٍ لَاكْتَفَيْت بِنَقْلِ ابْنِ يُونُسَ.
(لَا إنْ غَلِطَ فَلَا تُجْزِئُ عَنْ أَحَدِهِمَا) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: إنْ ذَبَحْت أُضْحِيَّةً صَاحِبِك وَذَبَحَ هُوَ أُضْحِيَّتَك غَلَطًا لَمْ تُجْزِ وَاحِدًا مِنْكُمَا وَيَضْمَنُ كُلُّ وَاحِدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute