تَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَلَا يَبِيعُهُ وَلَا يُبْدِلُهُ بِمِثْلِهِ مِنْ جِلْدِ أُضْحِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا. قَالَهُ مَالِكٌ، وَلَمْ يَنْقُلْ ابْنُ يُونُسَ خِلَافَ هَذَا، وَسَمِعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: الرَّجُلُ يَهَبُ لِجَارِيَتِهِ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ لَا تَبِيعُهُ. ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهَا أَمَتُهُ وَلَهُ انْتِزَاعُ مَالِهَا فَإِذَا بَاعَتْهُ فَكَأَنَّهُ هُوَ الْبَائِعُ، وَلَوْ وَهَبَ الْجِلْدَ لِمِسْكِينٍ لَجَازَ لِلْمِسْكِينِ أَنْ يَبِيعَهُ لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي اللَّحْمِ الَّذِي تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى بَرِيرَةَ «هُوَ لَهَا صَدَقَةٌ وَلَنَا هَدِيَّةٌ» .
وَنَقَلَ اللَّخْمِيِّ الْمَنْعُ لِلْكِتَابِ ابْنُ الْمَوَّازِ وَالْجَوَازُ لِأَصْبَغَ قَالَ: وَهُوَ أَحْسَنُ وَرَجَّحَهُ بِحَدِيثِ بَرِيرَةَ قَائِلًا: لَوْ كَانَتْ الصَّدَقَةُ بَعْدَ انْتِقَالِهَا إلَى الْمُتَصَدَّقِ عَلَيْهِ عَلَى الْحُكْمِ الْأَوَّلِ لَمْ تَحِلَّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. .
(وَفُسِخَتْ) رَوَى سَحْنُونَ: مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ أَوْ شَيْئًا مِنْ لَحْمِهَا أَوْ صُوفِهَا فَإِنْ أَدْرَكَ فَسَخَ وَإِلَّا فَلْيَجْعَلْ ثَمَنَ الْجُلُودِ فِي مَاعُونِهِ أَوْ فِي طَعَامِهِ وَثَمَنُ اللَّحْمِ يَشْتَرِي بِهِ طَعَامًا يَأْكُلُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: مَنْ بَاعَ جِلْدَ أُضْحِيَّتِهِ فَلْيَصْنَعْ بِثَمَنِهِ مَا شَاءَ. ابْنُ حَبِيبٍ: إنْ بَاعَهُ جَهْلًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِالثَّمَنِ وَلْيَتَصَدَّقْ بِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ بَاعَهُ عَبْدُهُ أَوْ بَعْضُ أَهْلِهِ. انْتَهَى نَقْلُ ابْنِ يُونُسَ.
(وَتَصَدَّقَ بِالْعِوَضِ فِي الْفَوْتِ إنْ لَمْ يَتَوَلَّ غَيْرٌ بِلَا إذْنٍ وَصُرِفَ فِيمَا لَا يَلْزَمُهُ) أَمَّا إنْ بَاعَ الْإِنْسَانُ شَيْئًا مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَفَاتَ فَقَدْ تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ حَبِيبٍ أَنَّ عَلَيْهِ صَدَقَةَ ثَمَنِهِ.
وَقَالَ سَحْنُونَ: يَجْعَلُ ثَمَنَ الْجِلْدِ فِي مَاعُونٍ وَثَمَنَ اللَّحْمِ فِي طَعَامٍ يَأْكُلُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا إنْ بَاعَ فَإِنْ كَانَ بِإِذْنِهِ فَهُوَ الْبَائِعُ هَكَذَا قَالَ أَصْبَغُ قَالَ: وَعَلَيْهِ إخْرَاجُ الثَّمَنِ وَالصَّدَقَةِ بِهِ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا إشْكَالَ إذَا أَذِنَ لَهُمْ أَنَّ عَلَيْهِ إخْرَاجَ الثَّمَنِ مِنْ مَالِهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُمْ وَفَاتَ الْبَيْعُ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى رَدِّهِ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ اسْتَنْفَقُوا الثَّمَنَ. وَمَعْنَاهُ عِنْدِي إنْ اسْتَنْفَقُوهُ فِيمَا لَهُ عَنْهُ غِنًى، وَأَمَّا إنْ اسْتَنْفَقُوهُ فِيمَا لَا بُدَّ لَهُ عَنْهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ مَالِهِ وَيَتَصَدَّقَ بِهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ أَنْ يَجِدَهُ قَائِمًا بِعَيْنِهِ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ أَنْفَقَهُ إذْ قَدْ وَفَّى بِهِ مَالُهُ انْتَهَى.
وَمَا نَقَلَ ابْنُ يُونُسَ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ وَلَا نَقْلَ ابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا هَذَا.
(كَأَرْشِ عَيْبٍ لَا يَمْنَعُ الْإِجْزَاءَ) سَمِعَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute