للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَرَجَتْ مِنْ الْعِدَّةِ وَقَالَ: إنَّمَا نَوَيْت مَا كَانَتْ فِي عَدَمِهَا، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ لِمَ أُدِينُهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ عَلَى يَمِينِهِ بَيِّنَةٌ دَيَّنْته. وَقِيلَ: إنَّمَا مَعْنَى هَذَا إذَا جَاءَ مُسْتَفْتِيًا بِلَا مُخَاصَمَةٍ وَلَا مُرَافَعَةٍ، وَأَمَّا إذَا جَاءَتْ الْمُرَافَعَةُ فَسَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى أَصْلِ يَمِينِهِ أَوْ لَمْ تَكُنْ فَإِقْرَارُهُ بِهَا كَالْبَيِّنَةِ لِأَنَّهُ ظَاهِرُ الْإِقْرَارِ مُدَّعٍ فِيمَا يَطْرَحُهُ فَيُطَلِّقُ عَلَيْهِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ. وَكَذَلِكَ مَنْ قَالَ: حِكْمَةُ طَالِقٌ وَلَهُ جَارِيَةٌ وَزَوْجَةٌ يُسَمَّيَانِ كَذَلِكَ وَقَالَ: نَوَيْت جَارِيَتِي فَلَهُ نِيَّتُهُ فِي الْفَتْوَى، وَأَمَّا فِي الْقَضَاءِ إنْ قَامَتْ عَلَيْهِ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ حَلَفَ بِهِ عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ فَلَا تَنْفَعُهُ وَأَكْثَرُ هَذَا فِي الْمُدَوَّنَةِ.

الْوَجْهُ الْآخَرُ مَا لَا تُقْبَلُ فِيهِ نِيَّتُهُ فِي قَضَاءٍ وَلَا فُتْيَا وَهِيَ كُلُّ يَمِينٍ عَلَى وَثِيقَةِ حَقٍّ أَوْ شَرْطٍ أَوْ لِتَأْخِيرِ أَجَلٍ دُيِّنَ، فَمَا كَانَ يَقْضِي فِيهِ السُّلْطَانُ مِنْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَلَا تُقْبَلُ فِيهِ نِيَّتُهُ، وَمَا كَانَ لَا يَقْضِي بِهِ كَيَمِينٍ بِصَدَقَةٍ أَوْ بِمَشْيٍ وَنَحْوِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَيُدَيَّنُ فِي نِيَّتِهِ، مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت الْمَشْيَ إلَى الْمَسْجِدِ. انْتَهَى بِتَقْدِيمٍ وَتَأْخِيرٍ مِنْ ابْنِ يُونُسَ، رُمْتُ بِذَلِكَ مُسَايَرَةَ أَلْفَاظِ خَلِيلٍ لَكِنْ لَمْ يَتَّجِهْ مَا رُمْتُهُ فَانْظُرْهُ إلَّا أَنَّ ابْنَ يُونُسَ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: اخْتِصَارُ هَذِهِ الْوُجُوهِ أَنَّ كُلَّ مَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ عَلَى تَوْثِقَةٍ أَوْ تَأْخِيرِ رَبِّهِ أَوْ حَلَفَ بِذَلِكَ طَوْعًا فِي أَمْرٍ كُذِّبَ فِيهِ فَيَقُولُ: نَوَيْت امْرَأَتِي أَوْ جَارِيَتِي الْمَيِّتَةَ، فَهَذَا لَا تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ فِي قَضَاءٍ وَلَا فُتْيَا.

وَاخْتُلِفَ هَلْ تَنْفَعُهُ الْمُحَاشَاةُ فِي يَمِينِهِ عَلَى ذَلِكَ بِالْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ؟ وَالثَّانِي أَنْ يَحْلِفَ بِالطَّلَاقِ أَوْ الْعَتَاقِ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا وَقَالَ: نَوَيْت شَهْرًا أَوْ لَا يَأْكُلَ سَمْنًا فَيَقُولُ: نَوَيْت سَمْنَ ضَأْنٍ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا وَقَالَ: نَوَيْت شَيْئًا، فَهَذَا الَّذِي تَنْفَعُهُ نِيَّتُهُ فِي الْفُتْيَا فِي الْقَضَاءِ. وَالثَّالِثُ أَنْ يَحْلِفَ لِزَوْجَتِهِ بِطَلَاقِ مَنْ يَتَزَوَّجُ فِي حَيَاتِهَا فَيُفَارِقُهَا ثُمَّ يَتَزَوَّجُ فَيَقُولُ: نَوَيْت مَا كَانَتْ تَحْتِي أَوْ يُعَاتِبُ زَوْجَتَهُ فِي دُخُولِ بَعْضِ قَرَابَتِهَا إلَيْهَا فَتَحْلِفُ بِالْحُرِّيَّةِ أَنْ لَا يَدْخُلَ عَلَيْهَا مِنْهُمْ أَحَدٌ، فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: نَوَيْت مَا كَانَ حَيًّا فَذَلِكَ لَهَا فِي الْقَضَاءِ وَالْفُتْيَا. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ التَّوْكِيلِ فِي لَا يَبِيعُهُ وَلَا يَضْرِبُهُ فَسَيَأْتِي فِي الْوَكَالَةِ عِنْدَ قَوْلِهِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>