للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُسْتَفْتِيًا وَلَمْ تَقُمْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ بِيَمِينِهِ.

(ثُمَّ شَرْعِيٌّ) لَمْ يَذْكُرْ هَذَا ابْنُ رُشْدٍ. وَاَلَّذِي لِابْنِ بَشِيرٍ: إنْ فَقَدَ الْبِسَاطَ وَالنِّيَّةَ فَهَلْ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَى مُقْتَضَاهُ لُغَةً أَوْ مُقْتَضَاهُ عُرْفًا أَوْ مُقْتَضَاهُ شَرْعًا إنْ كَانَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالِ سَيَأْتِي قَوْلُهُ: " وَسَافَرَ الْقَصْرَ فِي لَأُسَافِرَنَّ ". وَانْظُرْ مَسْأَلَةً وَقَعَتْ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مَنْ حَلَفَ لَا رَجَعَ مِنْ سَفَرِهِ حَتَّى يَسْتَغْنِيَ إذَا رَجَعَ بَعْدَمَا أَفَادَ نِصَابًا مِنْ الدَّرَاهِمِ فَقَدْ بَرَّ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: دَلِيلُهُ حَدِيثُ: «إنَّ اللَّهَ أَمَرَ أَنْ تُؤْخَذَ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ فَتُرَدَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ» فَهُوَ مِمَّنْ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ غَنِيٍّ انْتَهَى. وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا تَقَدَّمَ لِأَبِي عُمَرَ أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِمَنْ قَالَ مَالِكُ النِّصَابِ غَنِيٌّ. اُنْظُرْهُ عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَمَالِكُ نِصَابٍ ".

(وَحَنِثَ إنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ وَلَا بِسَاطٌ بِفَوْتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ) . ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلْنَذْكُرْ الْفُرُوعَ تَأْنِيسًا عِنْدَ عَدَمِ النِّيَّةِ وَالْبِسَاطِ. وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ قَالَ لِرَبِيبِهِ: أُمُّك طَالِقٌ لَإِنْ جِئْتنِي إلَى بَيْتِي بِخُبْزٍ لَأَطْرَحَنَّهُ بِالْخَرِبَةِ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ الْغُلَامُ وَمَعَهُ خُبْزٌ فَصَاحَتْ لَهُ أُمُّهُ فَخَرَجَ بِالْخُبْزِ فَقَالَ: إنْ كَانَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْخُذَ الْخُبْزَ فَتَوَانَى فَأُرَاهُ حَانِثًا، وَإِنْ كَانَ فَاتَهُ هَرَبًا وَلَوْ أَرَادَ أَخْذَهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ صَحِيحَةٌ عَلَى أُصُولِهِمْ لَا خِلَافَ أَنَّ مَنْ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَلَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ حَتَّى فَاتَ فَوَاتًا لَا يُمْكِنُهُ الْبِرُّ فِيهِ بِعَدَمِ الْإِمْكَانِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، كَمَسْأَلَةِ الْحَمَّامَاتِ مِنْ نُذُورِ الْمُدَوَّنَةِ. اُنْظُرْ قَبْلَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " إنْ لَمْ يُكْرَهْ بِبِرٍّ ".

(وَلَوْ لِمَانِعٍ شَرْعِيٍّ) لِمَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ لَا خِلَافَ إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ قَالَ: وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا إذَا لَمْ يُمْكِنْهُ الْفِعْلُ لِمَنْعِ الشَّرْعِ مِنْهُ كَمَا لَوْ حَلَفَ بِحُرِّيَّتِهَا لَيَطَأَنَّهَا اللَّيْلَةَ فَإِذَا هِيَ حَائِضٌ، لَمْ يَحْنَثْ عِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَحَنِثَ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ.

وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ، وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْبَابِ مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا بَعْدَ أَنْ كَانَ فَعَلَهُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا لَوْ حَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ بَاعَهُ مِنْهُ وَكِيلُهُ وَلَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ لَمَا كَانَ عَلَيْهِ شَيْءٌ بِاتِّفَاقٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى غَيْرِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ شَيْئًا ثُمَّ وَجَدَهُ قَدْ كَانَ فَعَلَ ذَلِكَ الشَّيْءَ قَبْلَ يَمِينِهِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ.

قَالَ سَحْنُونَ: مَنْ بَاعَ مِلْكًا فَضَادَّهُ الْمُشْتَرِي فَحَلَفَ أَنْ لَا يَبِيعَهُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>