للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَنِثَ.

(وَبِاذْهَبِي الْآنَ إثْرَ لَا كَلَّمْتُكِ حَتَّى تَفْعَلِي وَلَيْسَ قَوْلُهُ لَا أُبَالِي بَدْءًا لِقَوْلٍ آخَرَ فِي لَا أُكَلِّمُك حَتَّى تَبْدَأَنِي) سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَلَّمْتنِي حَتَّى تَقُولِي إنِّي أُحِبُّك فَأَنْتِ طَالِقٌ فَقَالَتْ لَهُ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ نَعَمْ أَنَا أُحِبُّك فَقَالَ: هُوَ حَانِثٌ حِينَ قَالَتْ: غَفَرَ اللَّهُ لَك قَبْلَ أَنْ تَقُولَ أَنَا أُحِبُّك.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَقَدْ اخْتَصَمْت أَنَا وَابْنُ كِنَانَةَ إلَى مَالِكٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لِامْرَأَتِهِ: إنْ كَلَّمْتُك حَتَّى تَفْعَلِي كَذَا وَكَذَا ثُمَّ قَالَ لَهَا فِي ذَلِكَ النَّسَقِ بَعْدَ الطَّلَاقِ فَاذْهَبِي الْآنَ كَالْقَائِلِ إنْ شِئْت فَافْعَلِي وَإِنْ شِئْت فَدَعِي. فَقُلْت أَنَا: قَدْ حَنِثَ حِينَ قَالَ لَهَا: اذْهَبِي. وَقَالَ ابْنُ كِنَانَةَ: لَمْ يَحْنَثْ. فَدَخَلْنَا عَلَى مَالِكٍ فَقَضَى لِي عَلَيْهِ وَرَآهُ حَانِثًا، فَمَسْأَلَتُك أَبْيَنُ مِنْ هَذَا.

وَقَالَ أَصْبَغُ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ أَصْوَبُ. وَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي أَخَوَيْنِ حَلَفَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ إنْ كَلَّمْتُك أَبَدًا حَتَّى تَبْدَأَنِي ثُمَّ حَلَفَ الْآخَرُ إنْ كَلَّمْتُك أَبَدًا حَتَّى تَبْدَأَنِي: إنَّ الْأَيْمَانَ عَلَيْهِمَا عَلَى مَا حَلَفَا عَلَيْهِ مَنْ بَدَأَ مِنْهُمَا صَاحِبُهُ فَهُوَ حَانِثٌ، وَحَلْفَةُ الثَّانِي حِينَ حَلَفَ لَيْسَتْ بِتَبْدِئَةٍ تَسْقُطُ بِهَا الْأَيْمَانُ. ابْنُ رُشْدٍ: وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ فِي رَجُلٍ قَالَ لِصَاحِبِهِ: امْرَأَتُهُ طَالِقٌ إنْ كَلَّمْتُك حَتَّى تَبْدَأنِي بِالْكَلَامِ فَقَالَ صَاحِبُهُ إذَنْ وَاَللَّهِ لَا أُبَالِي: لَيْسَتْ هَذِهِ تَبْدِئَةٌ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ كِنَانَةَ الَّذِي صَوَّبَهُ أَصْبَغُ أَخَذَ بِهِ، وَمَا أَلْزَمَ أَصْبَغُ ابْنَ الْقَاسِمِ مِنْ الِاضْطِرَابِ لَازِمٌ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فَهُوَ اخْتِلَافٌ مِنْ قَوْلِهِ، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الْحِنْثَ لَا يَقَعُ بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ مَا كَانَا فِيهِ فَلَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ وَإِنَّمَا وَقَّعْت عَلَى اسْتِئْنَافِ كَلَامٍ بَعْدَهُ. وَإِنَّمَا يُوجِبُ الْحِنْثَ بِهَذَا مَنْ اعْتَبَرَ مُجَرَّدَ الْأَلْفَاظِ فِي الْأَيْمَانِ وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَعَانِيهَا، وَتُوجَدُ فِي الْمَذْهَبِ مَسَائِلُ لَيْسَتْ عَلَى أُصُولِهِ تَنْحُو إلَى مَذْهَبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ.

(وَبِالْإِقَالَةِ فِي لَا تَرَكَ مِنْ حَقِّهِ شَيْئًا إنْ لَمْ يَفِ) رَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ حَلَفَ لَا وَضَعَ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ شَيْئًا لَا يَقْبَلُ مِنْهُ رَبُّ إقَالَةٍ أَحْسَنَ مِنْ وَضَيْعَةٍ. ابْنُ الْقَاسِمِ: يُرِيدُ إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْمَبِيعِ يَوْمَئِذٍ أَقَلُّ مِنْ ثَمَنِهِ. وَسَمِعَهُ مِنْهُ عِيسَى وَأَصْبَغُ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا صَحِيحٌ بَيِّنٌ عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الَّذِي يَحْلِفُ لَيَقْضِيَنَّ رَجُلًا دَنَانِيرَ. أَوْ حَقَّهُ فَقَضَاهُ عَرْضًا أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقِّهِ إلَّا أَنَّ مَالِكًا اسْتَثْقَلَهُ. وَكَذَلِكَ مَسْأَلَةُ الْإِقَالَةِ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْهُ فِي الْإِقَالَةِ فِيهِ وَفَاءٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الْقَمْحِ أَوْ السِّلْعَةِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ (لَا إنْ أَخَّرَ الثَّمَنَ عَلَى الْمُخْتَارِ) لِمَا ذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ مَسْأَلَةَ مَنْ حَلَفَ لَا وَضَعَ مِنْ ثَمَنِ سِلْعَتِهِ شَيْئًا فَأَقَالَ مِنْهُ قَالَ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْمَجْمُوعَةِ قِيلَ: فَإِنْ أَخَّرَهُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: رُبَّ نَظْرَةٍ خَيْرٌ مِنْ وَضَيْعَةٍ، يَكُونُ لِلْعَشْرَةِ أَحَدَ عَشَرَ. قِيلَ: فَمَا حَدُّهُ؟ قَالَ: قَدْرُ تَقَاضِيهِ الْيَوْمُ وَالْيَوْمَانِ. وَالتُّونِسِيُّ قَالَ مَالِكٌ: يَحْنَثُ بِتَأْخِيرِهِ. وَقَالَ غَيْرُهُ: لَا يَحْنَثُ. اللَّخْمِيِّ: عَدَمُ

<<  <  ج: ص:  >  >>