يَطَأَ امْرَأَتَهُ فَوَطِئَهَا وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ فِي يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ نَهَارًا فَلَا يَبَرُّ. وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَطَأَ فَوَطِئَهَا وَهِيَ حَائِضٌ أَوْ نَهَارًا فِي رَمَضَانَ فَقَدْ حَنِثَ. ابْنُ رُشْدٍ: تَفْرِقَتُهُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَيْنَ الْبِرِّ وَالْحِنْثِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ إنَّمَا يُفَرَّقُ فِي مَعْنَى الْخُصُوصِ وَالْعُمُومِ. وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ تَزُولُ يَمِينُهُ بِذَلِكَ الْوَطْءِ وَيَأْثَمُ وَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ أَنْ يَبَرَّ بِهَذَا الْوَطْءِ كَمَا يَحْنَثُ بِهِ أَوْ أَنْ لَا يَحْنَثَ بِهِ كَمَا لَا يَبَرُّ بِهِ
وَسَمِعَ أَبُو زَيْدٍ ابْنَ الْقَاسِمِ قَالَ فِي رَجُلٍ تَغَذَّى مَعَ أَهْلِهِ فَجَعَلَ بَيْنَ يَدَيْ امْرَأَتِهِ بِضْعَةَ لَحْمٍ فَرَدَّتْهَا عَلَيْهِ فَقَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ لَمْ تَأْكُلِيهَا فَجَاءَتْ هِرَّةٌ فَذَهَبَتْ بِهَا فَأَكَلَتْهَا فَأَخَذَتْ الْمَرْأَةُ الْهِرَّةَ فَذَبَحَتْهَا فَأَخْرَجَتْ الْبِضْعَةَ فَأَكَلَتْهَا الْمَرْأَةُ: لَا يُخْرِجُهُ ذَلِكَ عَنْ يَمِينِهِ فِي شَيْءٍ يَحْنَثُ فِي مِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ سَاعَةَ حَلَفَ لَمْ يَكُنْ بَيْنَ يَمِينِهِ وَبَيْنَ أَخْذِ الْهِرَّةِ الْبِضْعَةَ قَدْرُ مَا تَتَنَاوَلُهَا الْمَرْأَةُ وَتَحُوزُهَا دُونَهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَوَانَتْ قَدْرَ مَا لَوْ أَرَادَتْ أَنْ تَأْخُذَهَا وَتَحُوزَهَا دُونَهَا فَعَلَتْ فَهُوَ حَانِثٌ. ابْنُ رُشْدٍ: مِثْلُ هَذَا لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ وَرَوَاهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَهُوَ صَحِيحٌ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَقَاصِدِ الَّتِي تَظْهَرُ مِنْ الْحَالِفِينَ بِهَا وَإِنْ خَالَفَ ذَلِكَ مُقْتَضَى أَلْفَاظِهِمْ فِيهَا، لِأَنَّهُ لَمْ يُرِدْ فِي وَقْتِ يَمِينِهِ أَنْ تَأْكُلَهَا إلَّا وَهِيَ عَلَى حَالِهَا مُسْتَسَاغَةً لَا عَلَى أَنَّهَا مَأْكُولَةٌ تُعَافُ وَتُسْتَكْرَهُ. وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْمَاجِشُونِ أَنَّهَا إنْ اسْتَخْرَجَتْهَا مِنْ بَطْنِ الْهِرَّةِ قَبْلَ أَنْ يَنْحَلَّ فِي جَوْفِهَا شَيْءٌ مِنْهَا فَأَكَلَتْهَا فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ. وَهَذَا يَأْتِي عَلَى مُرَاعَاةِ مَا يَقْتَضِيهِ مُجَرَّدُ الْأَلْفَاظِ فِي الْأَيْمَانِ دُونَ اعْتِبَارِ الْمَقَاصِدِ فِيهَا، وَهُوَ أَصْلٌ اخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي الْمَعْنَى وَبَيْنَ الَّذِي يَحْلِفُ لَيَأْكُلَنَّ الطَّعَامَ فَلَا يَأْكُلُهُ حَتَّى يَفْسُدَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي ذَلِكَ.
(وَفِيهَا الْحِنْثُ بِأَحَدِهِمَا فِي لَا كِسْوَتُهُمَا وَنِيَّتُهُ الْجَمْعُ وَاسْتَشْكَلَ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: مَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ خُبْزًا وَزَيْتًا حَنِثَ بِأَكْلِ أَحَدِهِمَا إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمِيعَهُمَا فَلَا يَحْنَثُ. وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَيْضًا: مَنْ حَلَفَ لَا كَسَا امْرَأَتَهُ هَذَيْنِ الثَّوْبَيْنِ وَنِيَّتُهُ لَا كَسَاهَا إيَّاهُمَا جَمِيعًا فَكَسَاهَا أَحَدُهُمَا حَنِثَ يَعْنِي إنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ أَنْ لَا يَكْسُوَهُمَا إيَّاهَا مُجْتَمِعَتَيْنِ وَلَا مُفْتَرِقَيْنِ. انْتَهَى نَصُّ ابْنِ يُونُسَ وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ وَزَادَ مَا نَصُّهُ: وَإِنْ نَوَى أَنْ لَا يَجْمَعَهُمَا لَهَا لَمْ يَحْنَثْ إنْ كَسَاهَا وَاحِدًا. ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الشَّيْخُ: فَارَقَ جَوَابَهُ فِي تَنْوِيَتِهِ فِي لَا آكُلُ خُبْزًا وَزَيْتًا لِأَنَّ الْعُرْفَ جَمَعَهُمَا بِخِلَافِ الثَّوْبَيْنِ لَيْسَ الْعُرْفُ جَمَعَهُمَا. ابْنُ رُشْدٍ: اتَّفَقَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى حِنْثِ مَنْ حَلَفَ لَأَفْعَلُ فِعْلَيْنِ بِأَحَدِهِمَا وَلَا فَعَلَ فِعْلًا بِبَعْضِهِ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ جَمَعَهُمَا فَلَا يَحْنَثُ. وَاخْتَلَفَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا قَالَ لِامْرَأَتَيْهِ: إنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute