يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ انْتَهَى.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الصِّيَامِ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى عَنْ شَيْخِ الشُّيُوخِ ابْنِ لُبٍّ وَأَنَّ كَفَّارَةَ ذَلِكَ كَفَّارَةُ يَمِينٍ، وَرَشَّحَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ قَائِلًا: الْحَالِفُ بِالطَّاعَةِ عِنْدَ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ عَنْ قَصْدِ الْعِبَادَةِ بِمَعْزِلٍ.
وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ لِلْقَائِلِ لِنَاقَتِهِ أَنْتِ بَدَنَةٌ أَزَجْرَهَا قَصَدْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْك.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْبَةَ. وَكَمَا قَالُوا فِيمَنْ بَنَى مَسْجِدًا ضِرَارًا إنَّ نَفَقَتَهُ تَرْجِعُ إلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ قُرْبَةً.
قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ: وَمِنْ هَذَا الصَّدَقَةُ عَلَى اللَّجَاجَةِ الَّتِي فِي سَمَاعِ يَحْيَى فِي رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ.
قَالَ الْبُرْزُلِيِّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْعِتْقِ مِنْ ابْنِ يُونُسَ إنْ قُمْتُ بِجَائِحَةٍ فَعَلَيَّ لِلْمَرْضَى كَذَا، إنَّهُ يُسْتَحَبُّ لَهُ الْوَفَاءُ بِذَلِكَ وَلَا يُحْكَمُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلِلْمَازِرِيِّ مَا ذَكَرْتُهُ مِنْ أَنَّ الْحَالِفَ بِالْمَشْيِ يُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ لَا يُنَاقِضُ الْمَشْهُورَ بَلْ يَبْقَى مَطْلُوبًا بِالْمَشْيِ إذَا وَجَدَ سَبِيلًا.
وَعِبَارَةُ اللَّخْمِيِّ إنْ أَحَبَّ أَنْ يُكَفِّرَ حَتَّى يَجِدَ لِلْمَشْيِ سَبِيلًا كَانَ حَسَنًا. وَنَحْوُهُ لِلسُّيُورِيِّ وَلِلْمَازِرِيِّ أَيْضًا الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ كِلَاهُمَا إذَا حَنِثَ بِصَوْمِ الْعَامِ يُؤْمَرُ بِذَلِكَ وَلَا يُجْبَرُ مِنْ أَجْلِ أَنَّ الْيَمِينَ بِذَلِكَ لَمْ تَخْرُجْ بِقَصْدِ النَّذْرِ فَتَمْضِي بِحُكْمِ الْأَوَامِرِ الْوَارِدَةِ.
انْتَهَى مِنْ شَرْحِ مُسْلِمٍ لِلنَّوَوِيِّ. حَمَلَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ» عَلَى نَذْرِ اللَّجَاجِ كَمَا يَقُولُ: إنْ كَلَّمْتُ زَيْدًا فَعَلَيَّ حَجَّةٌ فَيُكَلِّمُهُ، فَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ وَبَيْنَ مَا الْتَزَمَهُ.
هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فِي مَذْهَبِنَا. وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: خَافَ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إنْ كَلَّفَ ابْنَهُ الْمَشْيَ إلَى مَكَّةَ فَلَا يَفْعَلُ فَيَسْتَهِينُ بِمَسْأَلَةٍ مِنْ الدِّينِ فَيَكُونُ ذَلِكَ طَرِيقًا إلَى غَيْرِهَا فَيَسْتَهِينُ أَيْضًا بِهَا. ثُمَّ قَالَ: وَجُزْءٌ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute