الْمُسْلِمُونَ عَلَى النِّصْفِ مِنْ الْعَدُوِّ.
قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: الْأَكْثَرُ مِنْ الْقَوْلِ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْعَدَدِ فَلَا تَفِرُّ الْمِائَةُ مِنْ الْمِائَتَيْنِ وَإِنْ كَانُوا أَشَدَّ جَلَدًا وَأَكْثَرَ سِلَاحًا.
وَقَالَ مَالِكٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: وَذَلِكَ فِي الْقُوَّةِ. ابْنُ يُونُسَ: الْمُعْتَبَرُ الْعَدَدُ مَعَ تَقَارُبِ الْقُوَّةِ فِي السِّلَاحِ، أَمَّا لَوْ لَقِيَ مِائَةَ غَيْرٍ مُعَدَّةً ضِعْفُهَا مُعَدًّا فَلَا، لِأَنَّ الْوَاحِدَ مُعَدًّا يَعْدِلُ عَشْرَةً غَيْرَ مُعَدِّينَ. ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِذَا كَانَ الْعَدُوُّ ضِعْفَ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَحِلُّ لِلْمُسْلِمِينَ أَنْ يَفِرُّوا مِنْهُ وَلَوْ فَرَّ إمَامُهُمْ، وَمَنْ فَرَّ مِنْ الزَّحْفِ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُ إلَّا أَنْ تَظْهَرَ تَوْبَتُهُ. ابْنُ عَرَفَةَ: وَإِنَّمَا تَظْهَرُ تَوْبَتُهُ بِثُبُوتِهِ فِي زَحْفٍ آخَرَ. اُنْظُرْ الْمَازِرِيَّ فَإِنَّهُ نَصَّ عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا فَرُّوا لَا يَلْزَمُ مَنْ ثَبَتَ أَنْ يَقِفَ لِأَكْثَرَ مِنْ ضِعْفِهِ (وَلَمْ يَبْلُغُوا اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا) أَنْكَرَ سَحْنُونَ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ لَا يَفِرُّ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا مِنْ عَدُوٍّ وَلَوْ كَثُرَ، وَعَزَا ابْنُ رُشْدٍ قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ لِأَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ بِهِ، وَمَا ذَكَرَ إنْكَارَ سَحْنُونٍ أَصْلًا (إلَّا تَحَرُّفًا أَوْ تَحَيُّزًا إنْ خِيفَ) فِي الْمَوَّازِيَّةِ: لَا يَحِلُّ الْفِرَارُ مِنْ الضِّعْفِ إلَّا انْحِرَافًا لِقِتَالٍ أَوْ تَحَيُّزًا إلَى وَالِي جَيْشِهِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ وَرُبَّمَا تَكُونُ سَرِيَّةً فَتَنْحَازُ الْمُقَدِّمَةُ إلَى مَنْ خَلْفَهَا مِمَّنْ يَلِيهَا.
وَقَالَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ رَاوِيًا عَنْ مَالِكٍ: لَا يَجُوزُ الِانْحِيَازُ إلَّا عَنْ خَوْفٍ بَيِّنٍ وَضَعْفٍ مِنْ السُّلْطَانِ، وَلَهُمْ السَّعَةُ أَنْ يَثْبُتُوا لِقِتَالٍ أَكْثَرَ مِنْ الضِّعْفَيْنِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute