يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ، فَإِنْ اشْتَرَاهُ لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِهِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ، فَإِنْ وَهَبَهُ لِأَحَدٍ لَمْ يَأْخُذْهُ سَيِّدُهُ عَلَى حَالٍ. وَاَلَّذِي يُشْبِهُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ وَفِي الْهِبَةِ يَأْخُذُهُ بِغَيْرِ ثَمَنٍ وَهَذَا أَحْسَنُ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ مِنْهُ وَهُوَ بِأَرْضِ الْحَرْبِ أَوْ هُوَ بِأَرْضِ الْإِسْلَامِ.
(وَانْتُزِعَ مَا سُرِقَ ثُمَّ عِيدَ بِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ) يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: لَوْ سَرَقَ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَمْوَالَنَا وَعَبِيدًا وَكَتَمُوا ذَلِكَ حَتَّى حَارَبُوا ثُمَّ صُولِحُوا عَلَى أَنْ رَجَعُوا إلَى حَالِهِمْ مِنْ غُرْمِ الْجِزْيَةِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُمْ شَيْءٌ. وَقَالَ عِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي النَّفْرِ مِنْ الْعَدُوِّ يَنْزِلُونَ بِأَمَانٍ فَإِذَا فَرَغُوا سَرَقُوا عَبِيدَ الْمُسْلِمِينَ أَوْ بَعْضَ الْأَحْرَارِ ثُمَّ رَجَعُوا وَهُمْ مَعَهُمْ فَنَزَلُوا عَلَى أَمَانٍ وَلَمْ يَعْرِفُوا فَأَرَادُوا أَنْ يَبِيعُوهُمْ قَالَ: لَا يُتْرَكُوا. وَإِنَّمَا مَثَلُ ذَلِكَ عِنْدِي مِثْلُ مَا لَوْ نَزَلُوا بِأَمَانٍ فَدَايَنُوا الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ هَرَبُوا وَالدَّيْنُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ رَجَعُوا فَنَزَلُوا بِأَمَانٍ فَإِنَّهُ يُقْضَى عَلَيْهِمْ بِتِلْكَ الدُّيُونِ. ثُمَّ رَجَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَالَ: لَا أَرَى أَنْ يَخْرُجُوا مِنْ أَيْدِيهِمْ وَأَرَى أَنْ يُوَفَّى لَهُمْ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَحْرَزُوهُمْ. وَلَا يُتْبِعُوا بِمَا دَايَنُوا عَلَيْهِ الْمُسْلِمِينَ لِأَنَّ الْعَهْدَ وَالْأَمَانَ شَدِيدٌ. ابْنُ رُشْدٍ: لَا يَنْبَغِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلِ أَنْ يُنْزِلَهُمْ الْإِمَامُ عَلَى أَنْ لَا يَأْخُذَ مِنْهُمْ شَيْئًا، فَإِنْ فَعَلَ أَنْفَذَ لَهُمْ الشَّرْطَ وَلَمْ يَنْتَزِعْ مِنْهُمْ شَيْئًا. قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ. وَنَحْوُهُ مَا رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَهْلِ الْحَرْبِ يَقْدُمُونَ بِأَمَانٍ لِلتِّجَارَةِ فَيَشْتَرِطُونَ أَنْ لَا يَرُدَّ عَلَيْهِمْ إلَّا مِنْ جُنُونٍ أَوْ جُذَامٍ أَوْ بَرَصٍ أَنَّ لَهُمْ شَرْطَهُمْ. ابْنُ رُشْدٍ: وَاخْتِلَافُ قَوْلِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ دَاخِلٌ فِي مَسْأَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ فِي الْمَعْنَى، وَأَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ أَنْ يُؤْخَذَ ذَلِكَ مِنْهُمْ وَلَا يُتْرَكَ لَهُمْ لَا سِيَّمَا فِي مَسْأَلَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إذَا حَارَبُوا ثُمَّ رَجَعُوا إلَى غُرْمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute