إلَيْهِ.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَهَلْ يَكُونُ لَهُ سَلَبُهُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ ذَلِكَ كَانَ إلَّا فِي يَوْمِ حُنَيْنٍ وَإِنَّمَا ذَلِكَ إلَى الْإِمَامِ يَجْتَهِدُ فِيهِ. ابْنُ يُونُسَ: مِثْلُ أَنْ يَرَى ضَعْفًا مِنْ الْجَيْشِ فَيُرَغِّبَهُمْ بِذَلِكَ فِي الْقِتَالِ.
(وَلَمْ يَجُزْ إنْ لَمْ يَنْقَضِ الْقِتَالُ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ السَّلَبُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ عِنْدَ مَالِكٍ نَفْلٌ قَبْلَ الْغَنِيمَةِ وَيَجُوزُ النَّفَلُ فِي أَوَّلِ الْمَغْنَمِ وَفِي آخِرِهِ عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ. اللَّخْمِيِّ: النَّفَلُ جَائِزٌ وَمَكْرُوهٌ. فَالْجَائِزُ مَا كَانَ بَعْدَ الْقِتَالِ، وَالْمَكْرُوهُ مَا كَانَ قَبْلُ.
وَيَقُولُ وَالِي الْجَيْشِ: مَنْ يَقْتُلْ فُلَانًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ دَنَانِيرُهُ أَوْ كِسْوَتُهُ أَوْ مَنْ جَاءَ بِشَيْءٍ مِنْ الْعَيْنِ أَوْ مِنْ الْمَتَاعِ أَوْ مِنْ الْخَيْلِ فَلَهُ رُبْعُهُ أَوْ نِصْفُهُ أَوْ مَنْ صَعِدَ مِنْ مَوْضِعِ كَذَا أَوْ بَلَغَهُ أَوْ وَقَفَ بِهِ فَلَهُ كَذَا، مَمْنُوعٌ ابْتِدَاؤُهُ لِأَنَّهُ قِتَالٌ لِلدُّنْيَا وَلِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى التَّحَامُلِ عَلَى الْقِتَالِ. وَقَدْ قَالَ عُمَرُ: لَا تُقَدِّمُوا جَمَاجِمَ الرِّجَالِ إلَى الْحُصُونِ فَلَمُسْلِمٌ أَسْتَبْقِيهِ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ حِصْنٍ أَفْتَحُهُ.
فَإِنْ فَاتَ الْقِتَالُ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ كَانَ لَهُ شَرْطُهُ لِأَنَّهُ عَمِلَ عَلَى حَظِّهِ مِنْ الدُّنْيَا فَهِيَ كَالْمُبَالَغَةِ.
وَقَالَ أَبُو عُمَرَ: النَّفَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: مِنْ الْخُمُسِ. الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَرِيَّةً مِنْ الْعَسْكَرِ وَيُرِيدَ أَنْ يُنَفِّلَهَا مِمَّا غَنِمَتْ دُونَ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَحَقُّهُ أَنْ يُخَمِّسَ مَا غَنِمَتْ ثُمَّ يُعْطِيَ السَّرِيَّةَ مِمَّا بَقِيَ بَعْدَ الْخُمُسِ مَا شَاءَ رُبْعًا أَوْ ثُلُثًا لَا يَزِيدُ عَلَى الثُّلُثِ، وَيَقْسِمَ الْبَاقِيَ بَيْنَ جَمِيعِ أَهْلِ الْعَسْكَرِ وَبَيْنَ السَّرِيَّةِ لِلْفَارِسِ ثَلَاثَةً وَالرَّاجِلِ وَاحِدًا.
الْوَجْهُ الثَّالِثُ: أَنْ يُحَرِّضَ الْإِمَامُ أَهْلَ الْعَسْكَرِ عَلَى قِتَالِ قَبْلٍ اللِّقَاءَ وَيُنَفِّلَ جَمِيعَهُمْ مِمَّا فَتَحَهُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الرُّبْعُ أَوْ الثُّلُثُ قَبْلَ الْقَسْمِ كَرِهَهُ مَالِكٌ وَقَالَ: لِأَنَّ قِتَالَهُمْ حِينَئِذٍ عَلَى الدُّنْيَا. وَأَجَازَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَدْ «قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: هَلْ لَك أَنْ نَبْعَثَك فِي جَيْشٍ فَيُسَلِّمَك اللَّهُ وَيُغْنِمَك وَأَرْغَبُ لَك مِنْ الْمَالِ رَغْبَةً صَالِحَةً» ؟ قَالَ سَحْنُونَ: كُلُّ شَيْءٍ يَبْذُلُهُ الْإِمَامُ قَبْلَ الْقِتَالِ لَا يَنْبَغِي عِنْدَنَا إلَّا أَنَّهُ إنْ نَزَلَ وَقَالَهُ إمَامٌ أَمْضَيْنَاهُ وَإِنْ أَعْطَاهُمْ ذَلِكَ مِنْ أَصْلِ الْغَنِيمَةِ لِلِاخْتِلَافِ فِيهِ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ. وَذَلِكَ مِمَّا يُفْسِدُ النِّيَّاتِ، وَلَا بَأْسَ بِالْخُرُوجِ مَعَهُمْ لِمَنْ لَا يُرِيدُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ هَذَا. أَصْبَغُ: وَمَا أَرَاهُ حَرَامًا لِمَنْ أَخَذَهُ. ابْنُ حَبِيبٍ: وَقَدْ اسْتَحَبَّ هَذَا بَعْضُهُمْ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ الْإِمَامُ، مِثْلُ أَنْ تُرْهِبَهُ كَثْرَةُ الْعَدُوِّ أَوْ نَحْوُهُ، وَقَدْ فَعَلَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ يَوْمَ الْيَرْمُوكِ لَمَّا دَهَمَهُ كَثْرَةُ الْعَدُوِّ.
وَمِنْ النَّوَادِرِ مَا نَصُّهُ: لَوْ نَفَّلَ فِي السَّرِيَّةِ الرُّبْعَ بَعْدَ الْخُمُسِ فَهَذَا النَّفَلُ عِنْدَنَا لَا يَصِحُّ فَإِنْ عَقَدَهُ وَخَرَجُوا عَلَيْهِ فَلْيُنْفِذْهُ كَقَضِيَّةٍ قَضَى بِهَا قَاضٍ بِقَوْلِ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ انْتَهَى. اُنْظُرْ مَا عَلَيْهِ أَهْلُ الْأَنْدَلُسِ أَنَّ خُرُوجَهُمْ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَكُونَ سَهْمٌ لِلرَّاجِلِ وَسَهْمَانِ لِلْفَارِسِ.
اُنْظُرْ بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِهِ: " وَلِلْفَرَسِ مِثْلَا فَارِسِهِ " (وَمَضَى) تَقَدَّمَ نَصُّ سَحْنُونٍ: أَمْضَيْنَاهُ. وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ وَقَعَ النَّفَلُ قَبْلَ الْقِتَالِ مَضَى