للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

قَالَ سَحْنُونَ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يُفْدَى بِصِغَارِ أَطْفَالِهِمْ إذَا لَمْ يُسْلِمُوا بِالذِّمِّيِّ إذَا رَضِيَ الذِّمِّيُّ وَكَانُوا لَا يَسْتَرِقُّونَهُ.

(وَبِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ عَلَى الْأَحْسَنِ) ابْنُ رُشْدٍ: أَجَازَ سَحْنُونَ أَنْ يُفْدَى مِنْهُمْ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ قَالَ: وَيَأْمُرُ الْإِمَامُ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَنْ يَدْفَعُوا ذَلِكَ إلَيْهِمْ، وَيُحَاسِبُهُمْ بِقِيمَتِهِ فِي الْجِزْيَةِ، فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يُجْبَرُوا عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ بَأْسٌ بِابْتِيَاعِ ذَلِكَ لَهُمْ. قَالَ: وَهَذِهِ ضَرُورَةٌ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْمُفَادَاةَ بِالْخَمْرِ أَخَفُّ مِنْهَا بِالْخَيْلِ. ابْنُ رُشْدٍ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إذْ لَا ضَرَرَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فِي الْمُفَادَاةِ مِنْهُمْ بِالْخَمْرِ وَعَلَيْهِمْ الضَّرَرُ فِي الْمُفَادَاةِ مِنْهُمْ بِالْخَيْلِ. اُنْظُرْ فِي ابْنِ عَرَفَةَ خِلَافَ أَشْهَبَ فِي هَذَا.

(وَلَا يُرْجَعُ بِهِ عَلَى مُسْلِمٍ) . ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ فَدَى مُسْلِمًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ أَوْ مَيْتَةٍ فَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُعْطَى ذِمِّيًّا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَالْمَيْتَةِ إنْ كَانَتْ مِمَّا يَمْلِكُونَهَا.

قَالَهُ سَحْنُونَ. وَمَعْنَاهُ إنْ فَدَاهُ بِذَلِكَ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَمَّا إنْ ابْتَاعَهُ لِيَفْدِيَهُ بِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ الَّذِي اشْتَرَاهُ بِهِ (وَفِي الْخَيْلِ وَآلَةِ الْحَرْبِ قَوْلَانِ) تَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ: الْمُفَادَاةُ بِالْخَمْرِ أَخَفُّ مِنْهَا بِالْخَيْلِ.

وَقَالَ أَشْهَبُ: يُفْدَى بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَلَا يَصْلُحُ أَنْ يُفْدَى بِالْخَمْرِ إذْ لَا يَدْخُلُ فِي نَافِلَةٍ بِمَعْصِيَةٍ. ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا التَّفْرِيقُ غَيْرُ صَحِيحٍ.

وَانْظُرْ مِنْ هَذَا الْفَصْلِ إذَا ائْتَمَنَ الْعَدُوُّ وَالْأَسِيرَ طَائِعًا عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ وَلَا يَخُونَهُمْ مُخْتَارُ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ يَهْرُبُ وَلَا يَخُونُهُمْ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَأَمَّا إنْ ائْتَمَنُوهُ مُكْرَهًا أَوْ لَمْ يَأْتَمِنُوهُ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا أَمْكَنَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَلَهُ أَنْ يَهْرُبَ بِنَفْسِهِ.

وَقَالَ اللَّخْمِيِّ: إنْ عَاهَدُوهُ عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ فَلِيُوَفِّ بِالْعَهْدِ لِأَنَّهُ وَإِنْ كَانَ مُكْرَهًا عَلَى الْعَهْدِ فَإِنَّ ذَلِكَ يُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ بِالْمُسْلِمِينَ، يَرَى الْعَدُوُّ أَنَّ الْأُسَارَى لَا يُوَفُّونَ بِعَهْدٍ. وَإِنْ حَلَّفُوهُ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَنْ لَا يَهْرُبَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ الْهُرُوبُ لِأَنَّ الْعَدُوَّ يَرَاهُ آثَرَ الطَّلَاقَ عَلَى الْمُقَامِ وَلَمْ يَرَ أَنَّهُ خَفَرَ بِعَهْدٍ، ثُمَّ إنَّ الطَّلَاقَ لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ. وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي رِوَايَةِ أَبِي زَيْدٍ، وَقَالَهُ ابْنُ الْمَوَّازِ أَيْضًا.

وَعِبَارَةُ ابْنِ عَلَاقٍ: وَالْفَرْعُ الثَّالِثُ إذَا خَلَّوْهُ عَلَى أَيْمَانٍ حَلَفَهَا لَهُمْ لَمْ يَلْزَمْهُ الْأَيْمَانُ لِأَنَّهُ كَالْمُكْرَهِ.

قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إذَا خَلَّوْهُ عَلَى أَيْمَانٍ فَأَمَّا مِثْلُ الْعَهْدِ وَالْمَوْعِدِ فَذَلِكَ لَهُ لَازِمٌ، وَأَمَّا أَيْمَانٌ بِطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَصَدَقَةٍ فَلَا تَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ إكْرَاهٌ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ إذَا خَلَّوْهُ عَلَى أَنْ حَلَفَ بِطَلَاقٍ أَوْ بِعِتْقٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يَلْزَمُهُ وَهَذَا مُكْرَهٌ. وَانْظُرْ فِي الْعِتْقِ قَبْلَ قَوْلِهِ: " أَوْ دَفْعُ مَكْسٍ ".

وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِلْأَسِيرِ أَنْ يَسْرِقَ مَا بِبَلَدِ الْعَدُوِّ وَقَالَ: وَلَا يُعَامِلُهُمْ بِالرِّبَا.

وَقَالَ أَشْهَبُ: وَإِنْ دَفَعُوا لَهُ ثَوْبًا يَخِيطُهُ لَهُمْ فَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَسْرِقَ مِنْهُ.

وَمِنْ النَّوَادِرِ: وَلَوْ أَطْلَقُوهُ عَلَى أَنْ لَا يُجَاهِدَهُمْ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا يَغْزُوَهُمْ إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ تَنْزِلُ بِالْإِسْلَامِ، وَإِنْ أَطْلَقُوهُ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بِفِدَائِهِ فَلَمْ يَجِدْ فِدَاءً فَعَلَيْهِ أَنْ يَرْجِعَ.

وَنَقَلَ ابْنُ عَلَاقٍ فِي هَذَا خِلَافًا وَتَقَدَّمَ فِي النِّكَاحِ وَطْؤُهُ زَوْجَتَهُ وَأَمَتَهُ.

وَانْظُرْ هَلْ لِلْأُسَارَى أَنْ يُقَاتِلُوا مَعَ الْعَدُوِّ وَمَنْ خَالَفَهُ مِنْ أَهْلِ مِلَّتِهِ؟ أَجَازَ ذَلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>