للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انْكَسَرَ لِلْفَرَسِ ضَرْبُ وَجْهٍ أَوْ نَزْعُ سَوْطٍ لَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا بِخِلَافِ تَضْيِيعِ السَّوْطِ وَحَرَنِ الْفَرَسِ) . ابْنُ شَاسٍ: لَوْ عَرَضَ لِلسَّهْمِ نَكْبَةٌ مِنْ بَهِيمَةٍ عَرَضَتْ أَوْ انْكَسَرَ السَّهْمُ أَوْ الْقَوْسُ فَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ مَسْبُوقًا، وَأَمَّا الْفَارِسُ يَسْقُطُ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ يَسْقُطُ الْفَرَسُ فَيَنْكَسِرُ، فَإِنْ كَانَ السَّابِقُ بَيْنَ جَمَاعَةٍ خَرَجَ هَذَا عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَّا هُوَ وَقَرِينُهُ فَحَكَى ابْنُ الْمَوَّازِ الَّذِي رَأَى أَهْلُ الْخَيْلِ عَلَيْهِ أَنْ يَعْدُوَ الَّذِي بَلَغَ الْغَايَةَ سَابِقًا ثُمَّ قَالَ: وَمَا لِهَذَا عِنْدِي وَجْهٌ، وَاخْتَارَ هُوَ إنْ كَانَ مَا كَانَ مِنْ قِبَلِ الْفَارِسِ مِنْ تَضْيِيعِ السَّوْطِ وَانْقِطَاعِ اللِّجَامِ وَحَرَنِ الْفَرَسِ فَلَا يُعْذَرُ بِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ نَفَرَ مِنْ السُّرَادِقِ فَلَمْ يَدْخُلْهُ وَدَخَلَهُ الْآخَرُ سَبَقَ الْمُتْبِعُ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِ كَمَا لَوْ نَزَعَ سَوْطَهُ أَوْ ضَرَبَ وَجْهَ فَرَسِهِ عُذِرَ بِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَسْبُوقًا (وَجَازَ فِيمَا عَدَاهُ مَجَّانًا) . ابْنُ شَاسٍ: مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَحْكَامِ السِّبَاقِ فَهُوَ مَا بَيْنَ الْخَيْلِ وَالرِّكَابِ يَعْنِي وَالرَّمْيُ وَلَا يُلْحَقُ غَيْرُهَا بِهَا بِوَجْهٍ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فَتَجُوزَ فِيهِ الْمُسَابَقَةُ إذَا كَانَ مِمَّا يُنْتَفَعُ بِهِ فِي نِكَايَةِ الْعَدُوِّ وَنَفْعِ الْمُسْلِمِينَ، فَتَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمُسَابِقَةُ بَيْنَ السُّفُنِ وَبَيْنَ الطَّيْرِ إذَا كَانَ لِإِيصَالِ الْخَبَرِ بِسُرْعَةٍ لِلنَّفْعِ، وَأَمَّا لِطَلَبِ الْمُغَالَبَةِ فَقِمَارٌ مِنْ فِعْلِ أَهْلِ الْفِسْقِ. وَتَجُوزُ الْمُسَابَقَةُ عَلَى الْأَقْدَامِ وَفِي رَمْيِ الْحِجَارَةِ. وَيَجُوزُ الصِّرَاعُ كُلُّ ذَلِكَ إذَا قَصَدَ بِهِ الِانْتِفَاعَ وَالِارْتِيَاضَ لِلْحَرْبِ جَازَ بِغَيْرِ عِوَضٍ فِي جَمِيعِهِ.

(وَالِافْتِخَارُ عِنْدَ الرَّمْيِ، وَالرَّجَزُ، وَالتَّسْمِيَةُ وَالصِّيَاحِ وَالْأَحَبُّ ذِكْرُ اللَّهِ لِأَحَادِيث الرَّمْيِ) . ابْنُ عَرَفَةَ: وَالِافْتِخَارُ وَالِانْتِمَاءُ لِلْقَبِيلَةِ عِنْدَ ظَنِّ الْإِصَابَةِ بِالرَّمْيِ جَائِزٌ وَيَذْكُرُ اللَّهَ أَحَبُّ إلَيَّ كَقَوْلِهِ: أَنَا الْفُلَانِيُّ لِأَنَّهُ إغْرَاءٌ لِغَيْرِهِ. رُوِيَ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَمَى فَقَالَ: أَنَا ابْنُ الْعَوَاتِكِ» . وَرَمَى ابْنُ عُمَرَ بَيْنَ الْهَدَفَيْنِ فَقَالَ: أَنَا بِهَا أَنَا بِهَا.

وَقَالَ مَكْحُولٌ: أَنَا الْغُلَامُ الْهُذَلِيُّ. ابْنُ عَرَفَةُ: وَهَذَا فِي حِينِ الْحَرْبِ أَوْضَحُ فَمِنْهُ «قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي غَزْوَةِ حُنَيْنٍ حِينَ نَزَلَ عَنْ بَغْلَتِهِ وَاسْتَنْصَرَ:

أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ ... أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ

» وَمِنْهُ حَدِيثُ مُسْلِمٍ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ: خَرَجْت فِي أَثَرِ الْقَوْمِ أَرْمِيهِمْ بِالنَّبْلِ وَأَرْتَجِزُ وَأَقُولُ: أَنَا ابْنُ الْأَكْوَعِ وَالْيَوْمَ يَوْمُ الرُّضَّعِ قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: وَكَذَلِكَ أُمُورُ الْحُرُوبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَدُوِّهِمْ وَكُلُّ مَا كَانَ مِنْ الْقُوَّةِ عَلَيْهِمْ فَلَا بَأْسَ بِالْمُفَاخَرَةِ فِيهِ، وَقَدْ «قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَبِي دُجَانَةَ حِينَ تَبَخْتَرَ فِي مِشْيَتِهِ فِي الْحَرْبِ: إنَّهَا لَمِشْيَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>