يُرِيد الْأَبَ فِي ابْنَتِهِ الْبِكْرِ وَالسَّيِّدَ فِي أَمَتِهِ. وَلَيْسَ ذَلِكَ لِوَصِيٍّ لِأَبٍ وَلَا لِلسُّلْطَانِ عَلَى رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَنْ مَالِكٍ، وَرَوَى عَنْهُ ابْنُ نَافِعٍ إجَازَةَ ذَلِكَ لِلْوَصِيِّ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ.
قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: إلَى ذَلِكَ رَجَعَ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَإِيَّاهُ اسْتَحَبَّ إسْمَاعِيلُ الْقَاضِي. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ يَتِيمَةً وَلَا وَصِيَّ لَهَا فَرَوَى يَحْيَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ لَهَا أَنْ تُبَارِئَ زَوْجَهَا وَتُعْطِيَهُ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ صُلْحِ مِثْلِهَا وَبِهِ قَالَ سَحْنُونَ.
قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ عِنْدَ الشُّيُوخِ اهـ. وَقَدْ تَضَمَّنَ مَا تَقَرَّرَ مِنْ أَنَّ الْمَحْجُورَةَ مِثْلُ الْمَالِكَةِ أَمْرَ نَفْسِهَا كَالْوَصِيِّ وَالْوَصِيُّ كَالْأَبِ إذْ عَفْوُ الْأَبِ لِأَجْلِ الطَّلَاقِ لِأَنَّ الزَّوْجَ حَلَفَ بِاللَّازِمَةِ فَحَنِثَ فَلِلْأَبِ أَنْ يَعْفُوَ عَنْ نِصْفِ الصَّدَاقِ وَلْيَرْغَبْ الْأَزْوَاجُ فِيهَا كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ (ابْنُ الْقَاسِمِ وَقَبِلَهُ لِمَصْلَحَةٍ وَهَلْ هُوَ وِفَاقٌ تَأْوِيلَانِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ عَفْوُ الْأَبِ قَبْلَ الطَّلَاقِ. ابْنُ الْقَاسِمِ: إلَّا لِوَجْهِ نَظَرٍ مِنْ عُسْرِ الزَّوْجِ فَيُخَفَّفُ عَنْهُ وَيُنْظِرُهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ إذَا رَضِيَتْ، عِيَاضٌ: فِي كَوْنِ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ خِلَافُ قَوْلِ مَالِكٍ قَوْلَانِ لِأَشْيَاخِنَا. ابْنُ بَشِيرٍ: لَا يَجُوزُ ذَلِكَ عِنْدَ مُجِيزِهِ إلَّا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَعْفُوَ عَنْ جُمْلَتِهِ فَيَعْرَى النِّكَاحُ عَنْ الْمَهْرِ. الْمُتَيْطِيُّ: زِيَادَتُهُ فِي رِوَايَةٍ إذَا رَضِيَتْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الْمَحْجُورَةَ إذَا أَرَأَدَتْ سُكْنَى زَوْجِهَا مَعَهَا فِي دَارِهَا وَإِنْفَاقِهَا عَلَى نَفْسِهَا مِنْ مَالِهَا رَغْبَةً فِي الزَّوْجِ أَنَّ ذَلِكَ لَهَا إذَا طَالَبَتْهُ عَلَى مَا أَفْتَى بِهِ ابْنُ عَتَّابٍ.
(وَقَبَضَهُ مُجْبِرٌ) ابْنُ عَرَفَةَ: قَبْضُ مَهْرِ الْمُجْبَرَةِ لِوَلِيِّهَا (أَوْ وَصِيٌّ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَبْضُ مَهْرِ الْيَتِيمَةِ لِوَصِيِّهَا (وَصُدِّقَا وَلَوْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ) ابْنُ رُشْدٍ: قَوْلُ أَشْهَبَ لَا يَبْرَأُ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ بِإِقْرَارِ الْأَبِ بِقَبْضِهِ إنْ ادَّعَى تَلَفَهُ خِلَافَ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ. وَظَاهِرُهُ قَوْلُ مَالِكٍ يَبْرَأُ الْغَرِيمُ مِنْ دَيْنٍ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِ الْوَصِيِّ وَالْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ بِالْقَبْضِ مَعَ ادِّعَاءِ التَّلَفِ، وَلَا خِلَافَ فِي بَرَاءَةِ الزَّوْجِ مِنْهُ بَعْدَ الْبِنَاءِ بِإِقْرَارِ الْأَبِ أَوْ الْوَصِيِّ بِقَبْضِهِ وَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ (وَحَلَفَا) الْمُتَيْطِيُّ: وَعَلَى تَصْدِيقِ الْأَبِ فِي تَلَفِهِ هَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ حَلِفُهُ أَمْ لَا؟ قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَغَيْرُهُ: يَجِبُ وَلَوْ كَانَ مَشْهُورُ الصَّلَاحِ لِحَقِّ الزَّوْجِ فِي التَّجْهِيزِ بِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: ظَاهِرُهُ أَنَّ فِي هَذَا خِلَافًا وَمَا ذُكِرَ قَوْلًا آخَرَ (وَرَجَعَ إنْ طَلَّقَهَا فِي مَالِهَا إنْ أَيْسَرَتْ يَوْمَ الدَّفْعِ) نَقَلَ الْمُتَيْطِيُّ عَنْ ابْنِ عَبْدُوسٍ: فَإِنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ بِهَا كَانَ نِصْفُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْجَارِيَةِ إنْ كَانَ لَهَا مَالٌ يَوْمَ دَفَعَ الزَّوْجُ ذَلِكَ لَهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا مَالٌ وَحَدَثَ لَهَا مَالٌ فَمُصِيبَتُهُ مِنْ الزَّوْجِ (وَإِنَّمَا يُبْرِئُهُ شِرَاءُ جِهَازٍ تَشْهَدُ بَيِّنَةٌ بِدَفْعِهِ لَهَا أَوْ إحْضَارِهِ بَيْتَ الْبِنَاءِ أَوْ تَوْجِيهِهِ إلَيْهِ) ابْنُ عَاتٍ: إذَا ابْتَاعَ الْوَلِيُّ الْقَابِضُ لِلنَّقْدِ أَبًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ جِهَازًا وَأَحَبَّ الْبَرَاءَةَ مِنْهُ فَيُمْكِنُهُ ذَلِكَ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إمَّا أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى الزَّوْجَةِ وَيُعَايِنُ الشُّهُودُ قَبْضَهَا لِذَلِكَ فِي بَيْتِ الْبِنَاءِ، أَوْ يُوقَفَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ ذَلِكَ لَهَا.
وَإِمَّا أَنْ يُوَجِّهَ ذَلِكَ إلَى بَيْتِ الْبِنَاءِ بِحَضْرَةِ الشُّهُودِ بَعْدَ أَنْ يُقَوِّمُوهُ وَيُعَايِنُوهُ وَلَا يُفَارِقُوهُ حَتَّى يَتَوَجَّهَ بِهِ إلَى بَيْتِ الزَّوْجِ وَإِنْ لَمْ يَصْحَبْهُ الشُّهُودُ إلَى الْبَيْتِ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ ذَلِكَ: إذَا جَهَّزَ الْوَصِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute