للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنْبِيهٌ

ظَاهِرُ هَذَا أَنَّ الْعِدَّةَ وَأَحْكَامَ الْحُرِّيَّةِ مِنْ يَوْمِ الطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ بِالْإِكْرَاهِ (وَمَحَلُّهُ مَا مَلَكَهُ قَبْلَهُ وَإِنْ تَعْلِيقًا) ابْنُ الْحَاجِبِ: مِنْ أَرْكَانِ الطَّلَاقِ الْمَحَلُّ وَشَرْطُهُ مِلْكِيَّةُ الزَّوْجِ قَبْلَهُ تَحْقِيقًا أَوْ تَعْلِيقًا. ابْنُ شَاسٍ: فَإِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ طَالِقٌ نَفَذَ الطَّلَاقُ لِتَحَقُّقِ الْوِلَايَةِ عَلَيْهَا. فَلَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ قَالَ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَنَكَحَهَا ثُمَّ دَخَلَتْ الدَّارَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ إذْ لَا وِلَايَةَ عَلَى الْمَحَلِّ تَحْقِيقًا وَلَا تَعْلِيقًا.

أَمَّا لَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى وُجُودِ تَحَقُّقِ الْوِلَايَةِ كَقَوْلِهِ إنْ نَكَحْتُك فَأَنْتِ طَالِقٌ، فَالْمَشْهُورُ مِنْ الْمَذْهَبِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ تَرَتُّبِهِ عَلَيْهَا تَحْقِيقًا وَتَعْلِيقًا، فَإِذَا نَكَحَهَا وَقَعَ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا عَلَى الرِّوَايَةِ الْمَشْهُورَةِ لِأَنَّ تَحْقِيقَ الْوِلَايَةِ إنَّمَا يَقِفُ عَلَيْهِ نُفُوذُ الطَّلَاقِ وَوُقُوعُهُ. فَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَهُوَ يَمِينٌ بِالطَّلَاقِ لَا نُفُوذَ فِيهِ وَلَا وُقُوعَ إلَّا بَعْدَ تَحَقُّقِهِ وَصَارَ كَالصَّدَقَةِ بِمَا يَمْلِكُ لِلْمُسْتَقْبَلِ وَالْعِتْقِ لِمَا فِي الْبَطْنِ.

وَرَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَالْمَخْزُومِيُّ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَأَفْتَى بِهِ ابْنُ الْقَاسِمِ صَاحِبَ الشُّرْطَةِ وَكَانَ أَبُو الْمَخْزُومِيِّ حَلَفَ بِهِ عَلَى أُمِّهِ.

وَانْظُرْ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجْت أَنَّ مَنْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَطَأُ حَرَامًا فَتَزَوَّجَ امْرَأَةً كَانَ حَلَفَ بِطَلَاقِهَا إنْ تَزَوَّجَهَا أَنَّهُ لَا حِنْثَ عَلَيْهِ.

قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: وَذَلِكَ صَحِيحٌ عَلَى أُصُولِهِمْ فِي مُرَاعَاةِ الْخِلَافِ لِأَنَّ الْخِلَافَ فِيهِ قَوِيٌّ مَشْهُورٌ. وَمِنْ تَرَاجِمِ الْمُوَطَّأِ يَمِينُ الرَّجُلِ بِطَلَاقٍ مَا لَمْ يَنْكِحْ (كَقَوْلِهِ لِأَجْنَبِيَّةٍ هِيَ طَالِقٌ عِنْدَ خِطْبَتِهَا أَوْ إنْ دَخَلَتْ وَنَوَى بَعْدَ نِكَاحِهَا) . ابْنُ عَرَفَةَ: فِيهَا مَعَ غَيْرِهَا لَوْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ أَنْتِ طَالِقٌ أَوْ طَالِقٌ غَدًا فَتَزَوَّجَهَا قَبْلَهُ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ إنْ تَزَوَّجْتُكِ.

وَقَالَ الْبَاجِيُّ: لَا خِلَافَ فِيمَنْ قَالَ لِأَجْنَبِيَّةٍ إنْ دَخَلْتِ الدَّارَ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَدَخَلَتْ بَعْدَ أَنْ تَزَوَّجَهَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ: إلَّا أَنْ يُرِيدَ إلَّا إنْ تَزَوَّجْتُك (وَتَطْلُقُ عَقِيبَهُ وَعَلَيْهِ النِّصْفُ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ إنْ نَكَحْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَتَزَوَّجَهَا لَزِمَهُ طَلَاقُهَا وَلَهَا نِصْفُ الْمُسَمَّى، فَإِنْ بَنَى وَلَمْ يَعْلَمْ فَعَلَيْهِ صَدَاقٌ وَاحِدٌ لَا صَدَاقٌ وَنِصْفٌ كَمَنْ وَطِئَ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ (إلَّا بَعْدَ ثَلَاثٍ عَلَى الْأَصْوَبِ) مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: إنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلُّ مَنْ أَتَزَوَّجُ عَلَيْك طَالِقٌ فَإِنْ طَلَّقَهَا وَاحِدَةً أَوْ اثْنَتَيْنِ بَقِيَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا وَرَاجَعَهَا بَعْدَ زَوْجٍ وَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ. ابْنُ يُونُسَ: رَأَى أَنَّهُ لَمَّا أَبَتَّهَا وَرَاجَعَهَا بَعْدَ زَوْجٍ فَكَأَنَّهَا امْرَأَةٌ أُخْرَى لِزَوَالِ الْعِصْمَةِ الَّتِي حَلَفَ لَهَا فِيهَا اهـ.

اُنْظُرْ تَسْلِيمَ ابْنِ يُونُسَ هَذَا وَتَسْلِيمَهُ مَا فِي كِتَابِ الْإِيلَاءِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْعِصْمَةِ إنَّمَا هُوَ فِي الْمَحْلُوفِ بِطَلَاقِهَا لَا فِي غَيْرِهَا، وَسَيَأْتِي لِعِيَاضٍ أَنَّ هَذَا مُعْتَرَضٌ وَالصَّوَابُ أَنَّ يَمِينَهُ بَاقِيَةٌ عَلَيْهِ اهـ.

فَانْظُرْ إنْ كَانَ خَلِيلٌ أَشَارَ إلَى هَذَا الْفَرْعِ أَوْ تَكُونُ إشَارَتُهُ إلَى مَا حَكَاهُ بَهْرَامَ أَنَّ مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ كُلَّمَا تَزَوَّجْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ إذَا أَبَتَّهَا بِالثَّلَاثِ ثُمَّ رَاجَعَهَا فَإِنَّهَا لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ عَلَى مَا صَوَّبَهُ التُّونِسِيُّ وَعَبْدُ الْوَهَّابِ فَانْظُرْهُ أَنْتَ وَهَذَا أَيْضًا مُشْكِلٌ (وَلَوْ دَخَلَ بِالْمُسَمَّى فَقَطْ كَوَاطِئٍ بَعْدَ حِنْثِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ) تَقَدَّمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>