هَذِهِ الْأَلْفَاظُ كُلُّهَا وَمَا هُوَ مِثْلُهَا لِلْمُتَيْطِيِّ وَأَنَّهُ إنْ نَوَى بِهَا وَاحِدَةً قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَهُ مَا نَوَى، وَسَيَأْتِي لِابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ كَذَلِكَ بَعْدَ الْبِنَاءِ (وَأَنْتِ أَوْ مَا أَنْقَلِبُ إلَيْهِ مِنْ أَهْلٍ حَرَامٌ) تَقَدَّمَ أَيْضًا لِلْمُتَيْطِيِّ أَنَّهُ إنْ نَوَى قَبْلَ الْبِنَاءِ بَانَتْ حَرَامٌ وَاحِدَةٌ فَلَهُ مَا نَوَى.
وَمِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ الْبِنَاءِ أَوْ بَعْدَهُ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ فَهِيَ الثَّلَاثُ وَلَا يَنْوِي فِي الْمَدْخُولِ بِهَا وَلَهُ نِيَّتُهُ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا فِي وَاحِدَةٍ. ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ بِالْوَاحِدَةِ، وَأَمَّا الْمَدْخُولُ بِهَا فَلَا تَبِينُ إلَّا بِالثَّلَاثِ إلَّا فِي طَلْقَةٍ يَكُونُ مَعَهَا فِدَاءٌ فَذَلِكَ فَرْقٌ بَيْنَ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا اهـ. وَانْظُرْ قَدْ نَصُّوا أَنَّ مَنْ طَلَّقَ طَلَاقَ الْخُلْعِ فَهُوَ بَائِنٌ وَهُوَ طَلَاقُ زَمَانِنَا فَعَلَيْهِ صَارَ حُكْمُ الْمَدْخُولِ بِهَا وَغَيْرِهَا سَوَاءً، وَبِهَذَا كَانَ أَشْيَاخُنَا وَأَشْيَاخُهُمْ يُفْتُونَ، وَقَدْ نَصَّ ابْنُ بَشِيرٍ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى فَانْظُرْهُ. وَمِنْ التَّلْقِينِ فِي بَائِنٍ وَحَرَامٍ هُمَا ثَلَاثٌ فِي الْمَدْخُولِ بِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ الْخُلْعِ.
أَبُو عُمَرَ: لِلْعُلَمَاءِ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِامْرَأَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ ثَمَانِيَةُ أَقْوَالٍ، وَحَكَى ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ وَإِنْ كَانَتْ مَدْخُولًا بِهَا.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيِّ: إنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا وَنَحْوُ هَذَا هُوَ لِلشَّافِعِيِّ وَأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَهِيَ يَمِينٌ.
وَقَالَ مَسْرُوقٌ وَأَبُو سَلَمَةَ وَالشَّعْبِيُّ: تَحْرِيمُ الزَّوْجَةِ كَتَحْرِيمِ الْمَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَانْظُرْ أَيْضًا قَوْلَ ابْنِ يُونُسَ فِي التَّخْيِيرِ أَنَّهُ ثَلَاثٌ وَلَا مُنَاكَرَةَ لَهُ إلَّا إنْ أَعْطَتْهُ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُخَيِّرَهَا فَلَهُ أَنْ يُنَاكِرَهَا لِأَنَّهَا تَبِينُ مِنْهُ بِالْوَاحِدَةِ.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: مَنْ حَلَفَ بِالْحَلَالِ عَلَيْهِ حَرَامٌ وَهُوَ يَجْهَلُ أَنَّ الطَّلَاقَ يَدْخُلُهُ فَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ طَلَاقٌ إنْ حَنِثَ، وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي كِنَايَاتِ الطَّلَاقِ الْبَيِّنَةُ. وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الْوَهَّابِ: مَا عَدَا لَفْظَ الطَّلَاقِ كُلُّهُ كِنَايَةٌ. اُنْظُرْهُ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ. ابْنُ يُونُسَ: وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فِي الْحَلَالِ عَلَيَّ حَرَامٌ أَنَّ الزَّوْجَةَ دَاخِلَةٌ حَتَّى يُخْرِجَهَا بِقَلْبِهِ أَوْ بِلِسَانِهِ. وَمَذْهَبُ رَبِيعَةَ وَابْنِ شِهَابٍ أَنَّهَا خَارِجَةٌ حَتَّى يُدْخِلَهَا بِنِيَّتِهِ.
ابْنُ عَرَفَةَ: قَوْلُهُ لِزَوْجَتِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، سَابِعُ الْأَقْوَالِ أَنَّ ذَلِكَ لَغْوٌ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهَا ثَلَاثٌ وَلَهُ نِيَّتُهُ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَتْ لَهُ امْرَأَتُهُ مَالِي عَلَيْكَ حَرَامٌ فَقَالَ وَأَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، إنْ أَرَادَ أَنِّي أُؤْذِيكِ وَأَسْتَحِلُّ مِنْكِ مَا لَا يَنْبَغِي فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَإِلَّا بَانَتْ مِنْهُ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا يَنْوِي إنْ أَتَى مُسْتَفْتِيًا.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ وَجْهِي مِنْ وَجْهِك حَرَامٌ لَا تَحِلُّ لَهُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ.
ابْنُ رُشْدٍ: اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ كَقَوْلِهِ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ هِيَ بَعْدَ الْبِنَاءِ ثَلَاثٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَقَلَّ مِنْهَا إلَّا أَنْ يَأْتِيَ مُسْتَفْتِيًا. ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا نَصٌّ أَنَّهُ يَنْوِي بَعْدَ الْبِنَاءِ إنْ كَانَ مُسْتَفْتِيًا. وَانْظُرْ فِي الْفَرْقِ الْحَادِي وَالسِّتِّينَ وَالْمِائَةِ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِلْمُفْتِي أَنْ يُفْتِيَ فِي الطَّلَاقِ بِالْحَرَامِ بِمَا هُوَ مَسْطُورٌ فِي الْكُتُبِ عَنْ مَالِكٍ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ بَلَدِ ذَلِكَ الْعُرْفِ الَّذِي يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ الْفُتْيَا، فَإِنْ كَانَ بَلَدًا آخَرَ أَفْتَاهُ